الهايكو… الشعر الياباني العريق

125

ماهو شعر الهايكو

شعر الهايكو هو نوع من أنواع الشعر الياباني وهو جزأ من الحضارة اليابانية، كلمة هايكو التي تقسم إلى قسمين الأول (هاي) والذي يعني المتعة، الإضحاك وتسلية الآخرين والقسم الثاني (كو) والذي يكمن معناه الحرفي أيضاً ضمن سياق المتعة والتسلية ويتجسد معنى شعر الهايكو بالعبثية المسلية حسب تاريخه في الحضارة اليابانية. في الحقيقة إن شعر الهايكو يشبه محلولاً مركزاً يحمل الكثير من المعاني في طياته بأسلوب بسيط وكلمات سهلة وواضحة المعنى، تكون قصائد الهايكو قصيرة جداً فهي تتكون من شطر واحد وتكتب بطريقة عامودية وفقاً للطريقة اليابانية في الكتابة.

يعتمد شعر الهايكو على طي المعاني خلف كلمات قليلة -فترى فيها جمل واضحة بعيداً عن المحسنات الشعرية مثل؛ القافية- يستوحي الهايكست -أي كاتب الهايكو- القصائد من بيئته المحيطة حيث يصور الأحداث من زاوية رؤيته الفريدة التي جعلته يستطيع كتابته.

تاريخ شعر الهايكو

 

شعر الهايكو الياباني

قصائد الهايكو هي تطوير لنوع شعر ياباني قديم جداً يدعى (الرينغا) والذي كان يمثل الحكمة والأقوال المأثورة في ذلك الزمان. كان زمان انطلاقة الهايكو وازدهاره في القرن السابع عشر حيث لمعت أسماء الكثير من الهايكست اليابانيين وكانوا هم أول من ساهم في نشر شعر الهايكو؛ (ماتسو باشو، يوسا بوسون، كوباياشي إيسا) استمر تقدمه إلى أن وصل إلى معظم ثقافات العالم وانتشر بكثرة بعد ترجمته لعدة لغات عالمية -مثل؛ الإنجليزية والعربية- حيث لاقا شعر الهايكو رواجاً كبيراً من الشعوب العالمية وكان أوج انتشاره العالمي ما بين القرن التاسع عشر والعشرين.

بالرغم من أن معظم الكتّاب حافظوا على خصائص شعر الهايكو كما هي لكن ثمة كتّاب تأثروا بالشعر الحديث ما جعلهم يغيرون بنية القصيدة بعيداً عن خصائصها الأساسية التي تداولها العالم عبر مر القرون.

طريقة كتابة شعر الهايكو

شعر الهايكو الياباني

تكمن كتابة شعر الهايكو من خلال الدمج بين اللفظ والمعنى وهذا يجعل الكاتب يصور معان كثيرة مبطنة في قصيدة قصيرة تتكون من سبع كلمات، في قصائد الهايكو يحتاج القارئ للتفكير والتحليق في خياله ليصل إلى الكثير من المعاني المبطنة المدمجة بين اللفظ والمعنى. تكون قصائد الهايكو مختزلة وكثيفة، فتُكونُ صورة خيالية كبيرة في مخيلة القارئ وهذا ما جعل شعر الهايكو عالمي ويكتبه آلاف الشعراء حول العالم لكن كان ذلك بعد تجريده من المقاطع الصوتية اليابانية وذلك بسبب اختلاف اللغات وتفاوت أساليب النطق للشعوب حول العالم.

في منتصف القرن العشرين وصل شعر الهايكو إلى اللغة العربية بعدما تمت ترجمته وفهمه وهو إلى يومنا هذا من أنواع الشعر التي يكتبها الشعراء العرب.

مميزات شعر الهايكو

 

شعر الهايكو الياباني

يُلخص الناقد ريو يوتسويا خمسة خصائص مميزة في شعر الهايكو؛ أولاً أنه يحمل معان فلسفية عميقة برغم ظاهره البسيط، ثانياً الإيجاز في اللغة، ثالثاً تكون معظم الجمل اسمية وقليلاً ما نجد جملاً فعلية، وأما رابعاً توظيف حواس الإنسان بإدراكات مادية، وأخيراً خامساً كتابته بقصد السخرية وبعث الابتسامة. قديماً كان له مميزات خاصة انسلخت عن شعر الهايكو الحديث بفعل التطور فإنه قديماً كان يتم استخدام مصطلح يدعى (كيغو) حيث كان يكمن معناه في التعبير عن مواسم السنة وفصولها إما من خلال ذكره بشكل مباشر وإما من خلال الصور الإيمائية كأن يكتب أوراق صفراء تعبيراً عن فصل الخريف.

وأيضاً من مميزات شعر الهايكو أن الصور التي في النصوص تنقسم إلى بنيتين؛ (مشهد أحادي ومشهد ثنائي) ويعني ذلك التنسيق بين الصورتين.

 قصائد الهايكو والشعر العربي

يعرف الشعر العربي بطول نصوصه حيث لا يطلق مصطلح قصيدة إلا على شعر مكون من سبعة أبيات أو أكثر، معظم أبيات قصائد اللغة العربية أصبحت أمثالاً لذا هي لغة يمكنها التوافق مع مميزات شعر الهايكو. كانت المرحلة التجريبية ل قصائد الهايكو في الأدب العربي من تجربة الشاعر والناقد عزالدين المناصرة حيث استوحى كتابة قصيدة التوقعات من شعر الهايكو وهكذا أصبح يكتب أنواع فرعية من الشعر (الومضة، اللافتات، الهايكو والملصقات) وكانت جميعها تحت عنوان قصيدة التوقيعة وهو النوع الذي يأتي بعد أنواع الشعر المعروفة (الموشح، قصيدة النثر، قصيدة التفعيلة وقصيدة العمود) وهو النوع الخامس للشعر. تمت ترجمته من اليابانية إلى الإنجليزية ومنها إلى اللغة العربية وقد استمرت هذه الطريقة إلى أواخر التسعينات حيث بدأت الترجمة بشكل مباشر من اللغة اليابانية.

الكثير من الشعراء يملكون نوادي افتراضية -على مواقع التواصل الاجتماعي والمجلات الإلكترونية- لكتابة شعر الهايكو حيث يبقى الجدل ما إذا كان نوعاً متكامل من الشعر أو أنه فرع من النثر.

 شعر الهايكو العربي

بداية وصول شعر الهايكو كان عن طريق لغات وسيطة مثل الفرنسية والانجليزية لذا وصل شعر الهايكو إلى العرب بعدما تعرض لتغييرات الترجمة حسب اللغات الأخرى ولهذا السبب نرى أن الهايكو العربي يبتعد قليلاً عن خصائص الهايكو الياباني التقليدي وقد أخذ طابع الشرق الأقصى والطابع الغربي. تمت ترجمة شعر الهايكو بواسطة الكثير من المترجمين العرب -معظمهم عراقيين- حيث بدأ معظم المترجمين بالتعريف عن قصائد الهايكو قام المترجمين محمد عزيزة ومحمد الماجري بترجمة مقال (فن الشعر الياباني)  محمد عظيمة. ولم يكن الهايكو هو النوع الوحيد الذي يعتمد على الجمل القصيرة والمركزة وإنما عرف الشعر العربي الحديث قصيدة الومضة -وتعني تدفق المشاعر دفعة واحدة في جمل واضحة ومختزلة- وقصيدة اللقطة أيضاً من أنواع الشعر الحديث.

التعليقات مغلقة.