الزئبق الأحمر….أسرار وأساطير

622

إن الزئبق مادة سامة بجميع أنواعه، سواء كان عضوياً أو معدنياً أو بشكل الزئبق الأحمر أو الزئبق رمادي، ويمنع تناوله أو استخدامه أو لمسة أو وضعه على الجلد بأي شكل دون اعتماد أدوات واقية ويفضل ألا يتعامل معه سوى العلماء والمختصين بمجال الكيمياء.

الزئبق الأحمر: تعريفه

هو مادة ذات تركيبة غير مؤكدة اشتهرت في  عقد الثمانينيات،  بسبب المعلومات  التي راجت حول استخدامها في صناعة عدد من الأسلحة المختلفة , وهو الامر الذي أثار المزيد من الشكوك حول صحة وجود مثل هذه المادة،  إذ يقول مروجو هذه  المادة أنها تدخل في صناعة الأسلحة النووية، و أنها توفر طريقة أسهل لصنع القنابل الاندماجية وذلك عبر تفجير مادة الزئبق الأحمر كونه بذلك يشكل ضغطاً شديداً يؤدي لبدء التفاعل النووي  دون الحاجة لوقود انشطاري يتم تفجيره نووياً لتوفير الضغط اللازم (كــمثل القنبلة الهيدروجينية)، كما  ذكر  أن الزئبق الأحمر يمثل مفتاح نظم توجيه الصواريخ البالستية السوفييتية وأنه البديل الروسي المستعمل لتقنية الطلاء المضاد للرادار في طائرات الشبح(2).

الخرافات التاريخية حول الزئبق الأحمر:

كان فيما مضى اعتقاد سائد (1) وهو أن الزئبق الأحمر ذو قوة هائلة وتنبع قدراته الأسطورية هذه من تأثيره في علاج الأمراض المزمنة وأيضاً تسخير الجان وتحقيق الرغبات. تعود هذه الأساطير الى الآلاف من السنين والتي تتحدث عن فوائد الزئبق الأحمر إذ أن هذه الفوائد والاستخدامات كانت تعد سراً حتى في ذلك الوقت لا يعلمه سوى كبار الكهنة في معابد الفراعنة.

كان يعتقد البعض أنه مادة شيطانية يأتي بها الجن من العالم السفلي، وأيضا يعتقد أنه مادة صنعها الفراعنة بطرق سحرية ليضعوها مع المومياء في المقابر، ويستخدمونها في مراسم الدفن والطقوس المختلفة للكهنة، يغلب الظن أن المصدر الرئيسي للزئبق الأحمر ذو الفوائد الهائلة مقابر الفراعنة المعابد حيث كان يوضع في حجرة الدفن.

فوائد الزئبق الأحمر بحسب المعتقدات والأساطير القديمة:

إن فوائد الزئبق الأحمر هذه  لا يروج لها سوى الدجالين،  وتم ذكر هذه  الخصائص هنا فقط لــتوثيق تلك الأساطير الأثرية ويتم الاستفادة من قدرات الزئبق الأحمر الشفائية من خلال وضعه في أنبوب زجاجي وحمله كــتميمة، و يجب الحرص على عدم تعرض أنبوب الزئبق للكسر لأنه قد يتسبب في الضرر باعتقادهم، إذ يُعتقد أن الزئبق الأحمر مفيد في شفاء عدد واسع من الأمراض وتحسين صحة الجسم، يتم وضع أنبوب الزئبق الأحمر في قلائد فضية وفي بعض الأحيان يتم إضافة بعض الأحجار الكريمة للقلادة، يعتقد أن الفائدة في وضع أنبوب الزئبق الأحمر بميدالية أو قلادة، أنها  سوف تمنع من  فقدان السائل بسبب التعرض للصدمات القوية والعوامل الخارجية، ويتلازم مع  استخدام الزئبق الأحمر استخدام النقوش و الطلاسم  والرموز السحرية والأسطورية من أجل  ازدياد تعظيم قدراته الشفائية وزيادة كمية  فعاليته.

أساطير الزئبق الأحمر

من فوائد الزئبق الأحمر استناداً للمعتقدات والأساطير، والتي تشتمل على قدرته الأسطورية والشفائية للأمراض الاتية:

علاج ارتفاع ضغط الدم، علاج أمراض الجهاز المناعي، علاج أعراض الشيخوخة، علاج أمراض الكبد، علاج الامراض الجلدية، علاج أمراض القلب والاوعية الدموية، علاج السكري, علاج الأمراض المستعصية , علاج الأمراض المزمنة، علاج الزهايمر، زيادة الطاقة في الجسم ،علاج الالتهابات والجروح و علاج أمراض الجهاز التنفسي و تحسين أداء وظائف الجسم، علاج الفشل الكلوي، وعلاج العظام والكسور.

الزئبق الأحمر والجن وتنزيل الأموال:

من الخرافات والأساطير الجديدة المتداولة بين العامة من الناس، أن الزئبق الأحمر هو أداة للتواصل مع الجن، وأن حمل تميمة من الزئبق الأحمر تقوم بحماية الإنسان من كثير من الأمور الغيبية، كما تشاع العديد من الأساطير حول قدرة الزئبق على كشف الأماكن التي تحتوي الذهب وخصوصاً الأثرية منها. يبقى كل ما قيل ضرب من ضروب الإشاعة وكلام الأزقة والحارات، فلا شيء منه حقيقي على أرض الواقع.

أشكال الزئبق:

لعنصر الزئبق أشكال مختلفة عنصري (معدني)، غير عضوي (وهو ما موجود في المصانع)، وعضوي (ميثيل الزئبق)، أشكال الزئبق هذه تختلف في درجة سميتها وتأثيراتها على الجهاز العصبي والجهاز الهضمي والجهاز المناعي على العينين والرئتين والجلد والكليتين.

إن الزئبق الأحمر وميثيل الزئبق يعتبران من المركبات السامة جداً للجهاز العصبي المركزي والمحيطي، حيث أن مجرد استنشاق البخار يؤدي إلى آثار ضارة جداً على الجهاز العصبي والجهاز الهضمي والمناعة والرئتين والكليتين، وقد يتسبب بالموت. إنَّ أملاح الزئبق غير العضوية تتسبب في تآكل الجلد والعينين والجهاز الهضمي، وقد تؤدي إلى فشل الكلى إذا تم تناوله، فـبعد الاستنشاق أو الابتلاع أو التعرض الجلدي لمركبات الزئبق المختلفة نلاحظ  الاضطرابات العصبية والسلوكية من أمثلتها  فقدان الذاكرة، والارتعاش، والأرق، وإضافة للآثار العصبية والعضلية والصداع والخلل الحركي، إذ يمكننا رؤية  بعض هذه العلامات الخفيفة لسمية الجهاز العصبي في العمال المعرضين لمستوى زئبق أولي في الهواء يبلغ 20 ميكروغرام / م 3 أو أكثر لعدة سنوات، إضافة الى تسببه  بــزيادة البروتين في البول وحدوث الفشل الكلوي.

استخدامات الزئبق الأحمر:

*أن الزئبق الأحمر ليس اسماً حقيقياً وإنما اسم شيفرة (code name) يشير إلى اليورانيوم أو البلوتونيوم، أو الليثيوم 6 وهي مادة لها علاقة بالزئبق ولها لون يضرب إلى الحمرة بسبب بقايا المواد الزئبقية المختلطة بها. وإن كانت استخدامات الليثيوم 6 في الأسلحة الاندماجية تغطيها السرية.

* أبرز استخدامات الزئبق الأحمر أنه يدخل في صناعة القنابل الاندماجية، إذ يستعمل كمفجر ابتدائي بديل عن الوقود الانشطاري المستخدم في القنابل الاندماجية، وقد أيد هذا الزعم الفيزيائي صامويل كوهين مخترع القنبلة النيوترونية، إلا أن هذا الزعم يتعذر تصديقه علمياً لأن أي تفجير تقليدي لمادة ما لن يقدم سوى طاقة غير كافية وضئيلة جداً مقارنة بالطاقة التي يوفرها الوقود النووي الانشطاري.

*شاع في فترة التسعينات أن الزئبق الأحمر يسهل عملية (تخصيب اليورانيوم) بدرجة عالية، مما يتيح استعماله للأغراض العسكرية دون الحاجة لأجهزة الطرد المركزي التي يسهل تعقبها دولياً من قبل الدول والمؤسسات التي تعمل على منع انتشار الأسلحة النووية.

*وهناك مزاعم أخرى عديدة قدمتها صحيفة برافدا الروسية عام 1993م، كان من بينها استخدامات الزئبق الأحمر كطلاء للاختفاء من الرادار وكمادة تدخل في صناعة الرؤوس الحربية الموجهة ذاتياً.

من أين يستخرج الزئبق الأحمر؟

*لا يوجد معلومة موثقة تشير إلى أماكن استخراج الزئبق الأحمر نظراً لأنّه يشتمل على أكثر من نوع ، ويُعدّ السينابار هو النوع الأكثر شيوعاً من بين الأنواع الأخرى، حيث يعرف بــ الزنجفر (Cinnaabar)  بأنّه المادة الخام للزئبق، وهو معدن سام جداً  يتكوّن من مركب كبريتيد الزئبق (HgS)،إذ يترسب في الأعماق الضحلة حيث تكون درجات الحرارة أقل من حوالي 200 درجة مئوية؛ عند تكسّر الصخور تتصاعد الأبخرة من المياه الساخنة ويترسب هذا المعدن، ويوجد السينابار عادة في الصخور المحيطة لأماكن الانشطة  البركانية خاصة الحديثة منها، وأيضاً بالقرب من الينابيع الساخنة والمنافذ البركانية الصغيرة. يتميز هذا النوع من الزئبق بلونه الأحمر، حيث استخدم منذ آلاف السنين في أغراض عدة منها الصباغة وصناعة الحلي والمجوهرات في العديد من أنحاء العالم، ولكن توقف استخدامه في الآونة الأخيرة بسبب سميته.

*يوديد الزئبق الثنائي(3): يتكوّن يوديد الزئبق الثنائي (Mercury (II) Iodide) من(HgI2)، وهو مسحوق غير قابل للذوبان في الماء , سام وبـلا رائحة ، ويتأثّر بالضوء ، لونه أحمر قرمزي، ولكن عند درجات الحرارة المرتفعة يلاحظ انه  يتحول إلى اللون الأصفر، وعند التبريد يعود مرة أخرى إلى اللون الأحمر, الزئبق المتفاعل أحد أنواع الزئبق شبه السائل، ويتميّز بلونه الأحمر الكرزي، وينتج من عمليات الإشعاع الأولية لأكسيد الأنتيمون الزئبقي  ويعد الزئبق المتفاعل أحد المواد التي تتفاعل سريعاً عند تعرّضها للضغط العالي، وعادة ما يبدأ التفاعل نتيجة تعرض الزئبق للموجات التصادمية في الغلاف الجوي، ويكون التفاعل على شكل تغير صغير بالحجم، ثم يتحول إلى حرارة دون انفجار.

* قيل أن الزئبق الأحمر قد تم إنتاجه من قبل السوفييت عن طريق  استخدام مركب أكسيد الأنتيمون الزئبقي، وهو المركب الوسيط الذي يفترض أنه ينتج منه الزئبق الأحمر عن طريق وضعه داخل المفاعل النووي، إذ أن تفاعل هذا المركب داخل المفاعل النووي ينتج عنه إشعاع لمادة الزئبق الأحمر النقي الذي يمتلك قدرا كبيرا من الحرارة والضغط تجعله قادرا على الانفجار وتحفيز قنبلة اندماجية , يعد الزئبق الأحمر مادة ترمز إلى الصناعة النووية وخاصة قنبلة نووية مستقبلية مرعبة، ولقد استخدم الاتحاد السوفييتي هذه الحيلة من قبل لأغراض سياسية.

وأخيراً…. الزئبق الأحمر مادة كيميائية ترمز للصناعة النووية وهي تشير إلى مستقبل نووي يخطط لصناعة قنبلة خبيثة ومرعبة، وهو بالنسبة إلى البعض خدعة متقنة أو خيال،  يتم الترويج للزئبق الأحمر على أنها مادة نادرة جداً وغالية الثمن، وتمتلك خصائص خارقة يتم تصويرها في فيديوهات تنجذب فيها المادة إلى الذهب وتنفر من الثوم، حيث أن ثمن الزئبق الأحمر يتجاوز العديد من آلاف الدولارات على أقل تقدير، وقد ارتبط الزئبق الأحمر بالعديد من الخرافات منها ما أنه يشفي من الأمراض ومنها ما أنه قادر على استدعاء الجن وهو مادة باهظة الثمن ويظهر مروجوها خصائص غريبة تجعل منه مادة فريدة وهو ما ينافي العقل والمنطق والأديان.

 

المصادر:

شاهد أيضاً:
الزومبي بين الخُرافة والعلم

التعليقات مغلقة.