تحوُّرات السلوك الإنساني

1

إنسانيَّتُنا باطلةُ الأباطيلِ، وثقافتُنا استعراضيَّةٌ!

وكأنَّ ما بعالمنا مِن خرابٍ روحيٍّ وعيشٍ جَحيميٍّ لا يكفي، إذ إنَّنا نزيدُ من تشظّيه بسلوكِنا اللا إنسانيِّ!

التجاهُلُ والاستعلاءُ، فيهما مِن الأذى النفسيِّ ما يجعلُ قامةَ الكلماتِ إزاءَهُما قصيرةً.

تدفَعُكَ المَحبَّةُ الإنسانيّةُ والواجبُ الأخلاقِيُّ للاطمئنانِ على أحدِهم، أو تطرُقُ بابَ الآخرِ  لسؤالٍ أرَّقَكَ،  متوَسِّماً به وبمعارِفِه ما قد يُرشِدُك. مُشاطرَة الفرحِ والحُزن مع الآخَرِ؛ فلا تجدُ إلا الصَّدَّ بأسلوبٍ صَلْفٍ، وتارةً أخرى تَجِدُ كلماتِكَ مُعلّقةً في فَضاءٍ زمنيٍّ لا مَحسوبٍ.

تَستنفِرُ داخلَك الأعذارُ، وتستدعي العُذرَ تلوَ العُذرِ، حتى تَستنفِدَ السبعينَ وما بَعدَها مع حُسنِ الظَّنِّ، مِن خلال حَيثيّاتٍ تَجزِمُ الفعلَ الشَّائِنَ!

إنّ جسورَ التّواصُلِ الآن، قائمةٌ على ما يمتلِكُ الآخَرُ لا على ما يَكتَنز داخلَه، وهذا يَخدِشُ الروحَ!

جُلُّ هذا يَدفعُ إلى الحُزنِ والإيمانِ أكثرَ إنَّ إنسانيتَنا تُهروِلُ نحو احتضارِها.

ليست هاتانِ السِّمَتان فقط ما يُثيران داخلي التساؤلَ، بل السّلوكُ الإنسانيُّ بِرُمَّته عندي؛ من أسرار ِالكون الكُبرى، وأظنُّ الأنثربولوجيا ستبقى في دهشةٍ مِن تحوُّراتِ هذا الكائنِ!

في مثلِ هذه الأحوالِ والتقلُّباتِ، آخُذُ مِن فلسفة “كانط”

الأخلاقِ، وأضعُها على طاولة التّشريح داخلَ عقلي..

“إنّ الشّرَّ المُتجذِّرَ في الإرادةِ الإنسانيّةِ الاستبداديّةِ، حينما تختارُ مُخالَفةَ القانونِ الاخلاقيِّ المَشروطِ بالواجبِ لتقَعَ في المَحظور، ولم تضَع الواجبَ الأخلاقيَّ في الاعتبار؛ كي تتمكنَ مِن فِعلِ الخير، وتتحوَّلَ مِن إرادةٍ استبداديّةٍ إلى إرادةٍ خَيّرةٍ”.  وهذا ما جاءَ في مُقدِّمةِ المُترجِم: عمار كاظم محمد لكتاب “دوستويفسكي وكانط: حوارات في الاخلاق”، الكتاب الذي ألتمِسُ به كبيرَ عزاءٍ وفَهْمِ نَزْرِ السُّلوكِ الإنسانيِّ.

 

حتى لا نكونَ جاحدينَ ومُجحِفينَ، ثمّةَ ضَوْءٌ، أمثلةٌ حيّةٌ مُترجَمَةٌ واقعيًّا عن الإنسانِ السامي بكلِّ خِصاله، لكنهم قِلّةٌ، أقلّاءُ جدًّا، بَيْدَ أنّهم يبذُرُون الحُبَّ في أرض اليَبابِ، سُعاة سلامٍ، يَنثُرون المَعرفةَ، ويُشِيْعُون النّورَ بصَبْرِ أنبياء.

 

الآنَ، وهُنا، أتأمَّلُ قولَه تعالى:

“وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا”

الكهف (54)

التعليقات مغلقة.