موجة الحر في أوروبا…. ارتفاع الوفيات وحرائق الغابات

3

عندما يترامى إلى مسامعنا أن درجة الحرارة تبلغ اليوم 40 درجة مئوية في مدينة ما في فصل الصيف، سيتبادر إلى أذهاننا أن تلك المدينة تقع في الشرق الأوسط، وخصوصاً مدن دول الخليج، لكن عندما نعلم أن درجة الحرارة هذه مسجلة في عاصمة من عواصم دول الغرب الأوروبي فستصيبنا الدهشة ونحاول التأكد من الخبر مرة أخرى، فما الذي يحدث في أوروبا؟ منذ أسبوع تقريباً وإلى الآن تعاني المدن الأوروبية ارتفاع هائل في درجات الحرارة، ففي بريطانيا البلد الأوروبي الأكثر اعتدالاً صيفاً في أوروبا، بلغت درجة الحرارة في بعض مناطق البلاد أكثر من أربعين درجة مئوية، وتكاد تكون أعلى درجة حرارة في تاريخ بريطانيا، وكسرت هذه الدرجة الرقم القياسي المسجل سابقاً، والذي لم يتجاوز 38 درجة مئوية، وغير بعيد عن بريطانيا وفي فرنسا بالضبط، يكاد يكون الوضع متطابق من حيث الارتفاع الهائل في درجات الحرارة، فدرجة الحرارة بلغت 40 درجة مئوية، وتتوقع هيئة الأرصاد الجوية أن ترتفع درجات الحرارة بشكل أكبر في فرنسا، ومن الممكن أن تصل لحوالي 45 درجة مئوية في مدن الجنوب الفرنسي.

 

حرائق ووفيات في مناطق مختلفة في أوروبا:

شهدت العديد من مناطق الغابات في أوروبا حرائق كبيرة ناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة، ففي جنوب غرب فرنسا التهمت الحرائق ألاف الهكتارات، والوضع لم يكن أفضل في البرتغال، فقد استمرت الحرائق لثلاثة أيام متواصلة، وفي الجارة إسبانيا، انتشرت عشرات الحرائق في مناطق مختلفة من البلاد امتدت على مساحات شاسعة، ولم تكن بريطانيا بحال أفضل من جاراتها، فالحرائق مستمرة في مناطق الغابات المحيطة بلندن، وكذلك في أرجاء مختلفة من البلاد. تسببت موجة الحر بوفاة المئات من المواطنين الأوروبيين، وخصوصاً من كبار السن، كما أن الحرائق المندلعة خلفت ضحايا من رجال الإطفاء ومن المواطنين القريبين من مناطق النيران، وتم إجلاء العديد من السكان القاطنين في المدن والبلدات القريبة من مناطق الخطر، كما أنَّ الحرائق وموجة الحر أصبحت تهدد الموسم السياحي في أوروبا بشكل جدِّي، فقد هرب الكثير من السياح من المناطق السياحية التي وصلتها الحرائق، كما تم افتتاح العديد من مراكز الإيواء للسياح الفارين من النيران في الجنوب الفرنسي.

موجة الحر تمثِّل تهديد وجودي للحكومات في أوروبا:

في ظل أعداد الوفيات الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة، وكذلك الحرائق في أوروبا المرشحة للاستمرار وخصوصاً مع توقع استمرار الارتفاع في درجات الحرارة، كل هذه الأسباب سويةً قد تؤدي للإطاحة بالأحزاب الحاكمة والذهاب لانتخابات مبكرة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن رضا المواطنين الأوروبيين عن أداء حكوماتهم يكاد يكون معدوماً أحياناً نتيجة الظروف الاقتصادية السيئة في أوروبا، وارتفاع معدلات التضخم، وكذلك الارتفاع الجنوني في أسعار الطاقة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، فالقارة العجوز لم تكد تتعافى اقتصادياً من تداعيات جائحة كورونا، حتى جاء الغزو الروسي لأوكرانيا والذي فاقم الوضع سوءاً في مجال الطاقة عموماً والغاز خصوصاً، ويأتي ذلك بعد حزمة العقوبات التي فرضتها أوروبا على روسيا، حيث تعد روسيا أكبر مورد للغاز المسال للقارة العجوز.

من الجدير بالذكر أنَّ موجة الحر هذه هي الموجة الثانية التي تصيب أوروبا خلال شهر واحد فقط، ويعزو الكثير من خبراء الطقس هذا الارتفاع في درجات الحرارة إلى قضية ” الاحتباس الحراري”، والذي يزدادُ يوماً بعد يوم بسبب زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة حول العالم.

التعليقات مغلقة.