العالم الجديد والوجبات السريعة
يعيش العالم في العصر الحالي ما يعرف بعصر السرعة، ويلاحظ توجه معظم المجتمعات نحو السرعة في كافة مجالات حياتهم، واختلفت الأنشطة التي كانوا يمارسونها عمّا كان عليه الحال من قبل، فأصبحوا يتنقلون بسرعة، ويأكلون بسرعة دون الجلوس في معظم الأحيان على طاولة واحدة مع أبناء أسرتهم، ويعود ذلك إلى توفر الأغذية الجاهزة بأشكال مختلفة، وينظر الناس إلى هذه الأطعمة على أنها متناسبة مع نمط الحياة العصرية وتختصر لهم الوقت، ولا يلقون بالاً للقيمة الغذائية للأطعمة التي يتناولونها[1].
تعريف الوجبات السريعة
ماهي الوجبات السريعة
هو وصف لطريقة إعداد الطعام ومصطلح يصف الطعام الذي يحضر بسرعة وسهولة، إذ يوفر الوقت والجهد، عادة ما يتضمن استخدام مكونات سبق أن طبخت جزئيا توفيرا للوقت، كالبطاطا المقلية المجمدة والنقانق والمرتديلا.
إن مصطلح الأطعمة السريعة هو يرتبط بمجموعة من الأغذية والوجبات التي تتميز بارتفاع محتوى الدهون والصوديوم والسكر والسعرات الحرارية، وفي نفس الوقت لا تحتوي على كميات كبيرة من الألياف والفيتامينات.
يرتبط مفهوم الأغذية المطبوخة الجاهزة ارتباطاً وثيقا مع التنمية الحضارية، مثلاً في روما القديمة، فقد كانت المدن الكبيرة يقف فيها باعة في الشوارع يبيعون الخبز والنبيذ، وأيضا في مدن شرق آسيا كانت تتواجد متاجر بيع المعكرونة، كانت المدن الرومانية القديمة، و الكثير من سكان الحضر يعيشون في مبان سكنية ذات طوابق متعددة، يتوقف عندها بائعي الأغذية لبيع الكثير من وجباتهم. كان الخبز المنقوع في النبيذ وجبة خفيفة سريعة، والخضار المطبوخة من الأطباق الشعبية السريعة في الهند، أما في الدول الناطقة بالفرنسية في غرب أفريقيا فالوجبات السريعة تكون في المدن الكبيرة، حيث يقوم الباعة ببيع تلك المأكولات الجاهزة، وتتكون من اللحوم المشوية على العصي المعروفة محليا باسم brochette.
أضرار الوجبات السريعة
إن التحذيرات الصحية من هذه الأغذية هو بسبب محتواها المرتفع من الشحوم الثلاثية و الدهون و من مواد لها آثار سلبية وخطيرة على الصحة، فـالمحتوى المرتفع من الدهون فيه مخاطر خاصة القلب ويسبب بعض أنواع السرطان، أما المقدار الكبير من السعرات الحرارية فــيزيد من مخاطر زيادة الوزن والبدانة، إذا لم يضبط الشخص ما يتناوله من الأطعمة الأخرى طوال اليوم.
الصوديوم المرتفع:
ان الصوديوم في هذه الأطعمة السريعة فيرتبط أيضا بزيادة مخاطر أمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم والسكتات الدماغية، وبالنسبة للسكر الموجود في هذه الأطعمة فهو يرفع احتمالية تسوس الأسنان، وقد برزت تحذيرات من الدور الذي تلعبه الوجبات السريعة والأطعمة الفارغة أيضا في بدانة الأطفال وانعكاسات ذلك على صحتهم عاجلا وآجلا.
السكر:
يوجد في المشروبات الغازية المرافقة للوجبة وعصير الفواكه الصناعية، كما يوجد في كثير من السلطات كسلطة الملفوف التي تتكون من المايونيز والملفوف مضافا إليها السكر والملح، الكثير من المايونيز والصلصات، ويميز هذه الشطائر السريعة التي تحتوي على المايونيز وصلصة الثوم والتتبيلات التي تنضح بالدهن والصوديوم.
الدهون (الأطعمة الفارغة):
غالبا ما تحتوي على دهون مشبعة متحولة غير صحية إضافة الى نسبة عالية من الدهون الضارة، بسبب القلي المستمر بنفس الزيت.
التسويق الإعلامي للوجبات السريعة
في هذا المجال تلعب وسائل الإعلام دوراً هاماً في التسويق للسلع والخدمات والأفكار، وأشارت الدراسات إلى أن المستهلكين يشاهدون التلفاز بشكل كبير وأصبح عنصراً هاماً في حياتهم اليومية، ويتم الترويج للكثير من الأفكار والمنتجات التي تعتبر من خارج ثقافة المجتمعات بشكل يفضي إلى أن هذه المنتجات تلبي احتياجات الناس، وتقوم على إشباع غرائزهم[2].
ونتيجة تحول طبيعة الحياة التي تأخذ نمطاً سريعاً يلجؤون إلى مطاعم الوجبات السريعة، من أجل تلبية رغباتهم وسد جوعهم، وكان التحول الحاصل في المجتمعات تغذيه وسائل الإعلام عبر ما تنشره من إعلانات حول هذه الوجبات، حيث تعمد هذه الوسائل إلى توجيه أبناء المجتمع نحو الوجبات السريعة بأشكال وأنماط مختلفة، فمنها موجه إلى الأطفال، ومنه الموجه إلى المرأة العاملة، وآخر موجه إلى الشباب، دون الأخذ بالاعتبار الأضرار الصحية التي تقع خلف هذه الوجبات[3].
كيف تروج وسائل الإعلام للوجبات السريعة
تعمل وسائل الإعلام بشكل عام إلى الترويج للوجبات السريعة على أنها وجبات صحية تتناسب كافة الأعمار، وفي الغالب يتم توجيه الإعلانات نحو فئة الأطفال، ويغلب على هذه الإعلانات استخدام شخصيات كرتونية مشهورة لدى الأطفال، في محاولة من وسائل الإعلام على حث الأطفال لطلب الوجبات السريعة، دون الأخذ بالاعتبار المضار الصحية لهذه الوجبات على صحة الإنسان، وقد وضّح “المنصور”[4] أن وسائل الإعلام تقدم العديد من الرسائل الخاطئة حول الصحة بشكل مستمر، وتمر إعلانات الوجبات السريعة على الجمهور دون وجود رقابة أو محاولة لتصحيح المفاهيم المتعلقة بالمضار الصحية، بل إن الأمر يتجاوز إلى حد توجيه بعض النصائح الطبية المباشرة والتي في معظمها خاطئة، وهو ما يؤثر بشكل سلبي على صحة الأفراد المستهلكين للوجبات السريعة.
تقوم وسائل الإعلام بالترويج للوجبات السريعة عبر عدة أدوات، حيث أن الواقع الإعلامي المعاصر تعمل الرسالة الإعلامية الموجهة نحو الجمهور على استهداف شريحة عريضة، وتقوم بتوظيف مختلف الوسائل الحديثة وما يصدر عنها من تصورات وأفكار ومبادئ تعمل على إحداث تغيير مقصود في المجتمع تحت وطأة إغراء لا يقاوم، يتم تكريس منظومة جديدة من المفاهيم والقيم والمعايير المتعلق بالهدف الترويجي[5].
فيما يتعلق بأكثر الوسائل الإعلامية التي تجذب المستهلكين للوجبات السريعة فهي عديدة، حيث أن التلفاز يقوم بدور هام وكبير في الترويج لهذه الوجبات، ويقوم بوضع هذه الإعلانات بقالب جذّاب ومنمق يجعل من المتلقي لها يرغب بتجربة ما يتم عرضه من وجبات على شاشة التلفاز، حيث أن علميات التصوير المرافقة للإعلان الخاص بالوجبات السريعة يتم بنسق جماعي موجه نحو كل متلقي لما يعرض على التلفاز.
إلى جانب التلفاز تُستخدم وسائل الإعلام الحديثة المتمثلة بوسائل التواصل الاجتماعي مثل الانستغرام والسناب شات والفيس بوك وتويتر، كما يتم عرض الإعلانات على منصة اليوتيوب، وهو بذلك يستهدف شريحة أكبر من تلك التي يستهدفها التلفاز.
أما عن مراعاة أخلاقيات المهنة فيما يتصل بإعلانات الوجبات السريعة، فإن الغالبية العظمى من تلك الإعلانات تكون بعيدة كلياً عن ذلك، حيث أنها تلجأ إلى تزييف الحقائق وتجميل الوقائع، فتخلو الإعلانات من سرد الأضرار الصحية الناتجة من هذه الوجبات على صحة الإنسان، بل تلجأ في معظم الأحيان إلى إرفاق صور غير واقعية عن الطاقة المستمدة من هذه الوجبات، وتعمل على إخفاء ما تحمله هذه الوجبات من أضرار على الصحة وتستبدلها بمعلومات غير صحيحة كلياً.
خاتمة عن الوجبات السريعة
إن وسائل الإعلام تلعب دوراً سلبياً في الترويج للوجبات السريعة، وتقوم الإعلانات المقدمة من وسائل الإعلام على فكرة الربحية دون الأخذ بالاعتبار المسؤولية المجتمعية، كما أنها لا تراعي أخلاق العمل المهني المتعلق بالإعلام، وتوصلنا إلى أن أدوات وسائل الإعلام المستخدمة في الترويج للوجبات السريعة مختلفة، منها ما يعتمد على الوسائل التقليدية المتمثلة بالتلفاز، ومنها ما يعتمد على وسائل الإعلام الحديث المتمثل بوسائل التواصل الاجتماعي كفيسبوك وتويتر وإنستاغرام، إلى جانب ذلك فقد توصلنا إلى أن وسائل الإعلام تستهدف كافة فئات المجتمع في الترويج للوجبات السريعة.
التعليقات مغلقة.