حلب بقلم رانيا بيطار 9إخراج علاء الدين كوكش

15

حلب مصدر الهام

لطالما كانت حلب مصدر إلهام للكثير من الكتّاب والشعراء في المنطقة، كما كانت سابقاً مدينة دافئة وغنية لتصوير مسلسلات تمثل حياة سكان تلك الجغرافيا بتفاصيلها. يقول خالد خليفة في حلقة مسجلة له على قناة أورينت: ما زلت، وبعد ستة روايات أكتب عن حلب رغم أنني أعيش في دمشق منذ سنوات، لكن حلب لم تنته مني بعد، وأنا لم أنته منها كذلك.

البيوت أسرار .. في حلب

هذا المسلسل؛ البيوت أسرار مكون من أربعة وعشرين حلقة، ومن إخراج علاء الدين كوكش، يعود بنا إلى أربعينيات القرن الماضي وإلى أحياء مدينة حلب في تلك الفترة, كعادتها الكاتبة رانيا بيطار تألقت في كتابة سيناريو بهذا الجمال والرقي -السيناريو مقتبس من رواية ثم أزهر الحزن للكاتب فاضل السباعي- أخذتنا رانيا بيطار في رحلة إلى حلب وبيوت حلب القديمة وجعلتنا نرى قصة الأم المكافحة أم علاء التي رهنت حياتها لتربية أطفالها وعونهم. أم علاء الأم الأرملة التي فارق الحياة زوجها أبوعلاء تاركاً أربعة فتيات صغيرات وصبي صغير اسمه علاء. أحداث المسلسل تظهر لنا مدى تكاتف العائلة وقوتهم على تحمل مصاعب الحياة بالرغم من رحيل والدهم وعدم امتلاكهم معيل يساندهم في حياتهم.

مسلسل البيوت أسرار

برع علاء الدين كوكش في تصوير المجتمع الحلبي البسيط في تلك الأيام، كما جمعت بيطار بين الكوميديا والألم لتقدم لنا هذه التحفة الفنية الرائعة. تدور أحداث المسلسل عن أم أرملة غيّب الموت زوجها وبقيت وحيدة مع أبناءها في غابات الحياة تصارع وتكافح لتعليم أطفالها وتصرف عليهم من خلال عملها كخياطة، تتقدم الأحداث حيث تبيع أم علاء منزل العيلة الذي يحمل ذكريات زوجها الراحل بسبب همزات الجيران على أم علاء وبناتها -بعدما توفي خطيب ابنتها الكبيرة- ثم تتوفى ابنتها الكبيرة التي أضنها المرض وتستمر آلام الحياة في الضغط على العائلة من الناحية المادية والعاطفية. لتظهر لنا الكاتبة رانيا البيطار قوة الفتاة هالة التي تمكنت من العمل إلى جانب دراستها رغم غرقها في متاهات الحب مع شاب يدعى سمير.

سمير الابن الوحيد والمدلل لعائلة غنية حيث غادر حلب واستقر في الشام من أجل دراسته في كلية الحقوق وقد وعد هالة بالزواج بعد أن يتخرج من الجامعة إلا أن حلمه لم يتحقق بعدما أرغمه والده على السفر إلى فرنسا لاستكمال تعليمه.

التحقت هالة بكلية الحقوق في دمشق بنصيحة من سمير واستمرت في السفر بين دمشق وحلب إلى أن تخرجت لكن وطوال هذه الفترة كانت تعاني من ألم الحب وصراع الفراق وبالرغم من معاناتها كانت مصدر إلهام لجارتها أمل التي لم تكن تغادر غرفتها المظلمة والتي تبقى فيها وحيدة بسبب تشوه في رقبتها.

كما تصور لنا المشاهد قوة هالة المجتهدة التي جعلتها تتغلب على أقوى محاميين المدينة وهو والد سمير لكن بقيت الظروف تحول بينها وبين الزواج بعدما تزوجت جميع اخواتها.

حلب

كانت المشاهد الكوميدية بمثابة كسر للألم والحزن الذي خيم على الأحداث, فأظهرت لنا الكاتبة رانيا بيطار قصة أختها لأم علاء -أم عبدو- و ضرائرها  وكنتها حيث تظهر لنا الأحداث بين الغيرة والحقد تارة وبين التكاتف والحب تارة أخرى فتغدو نهاية كل مشاجرة بين أم عبدو و ضرائرها بالصلح والاعتذار.

مسلسل كهذا يصعب وصفه وتلخيصه في بضعة كلمات فهو يحمل الكثير من التفاصيل الجميلة التي تجعل الذاكرة تسافر إلى حلب وتجعل الروح تشتاق للمشي في حديقة السبيل وتحت القلعة, وقد قدمت لنا الكاتبة رانيا بيطار اللهجة الحلبية بجمالها وبساطتها بعيداً عن استخدامها بصورة ساخرة كما يفعل معظم الكتاب.

 

 

بقلم: روان ريّس

 

انظر أيضاً

مسلسل الكاتب- آسف لأني كنت؛ فصرتِ

مسلسل قيد مجهول ..اضطراب الهوية التفارقي

 

التعليقات مغلقة.