الصراعات في عهد الدولة الأموية

137

مقدمة عن الدولة الأموية

لم يكن نظام الحكم الأسري سائداً في العالم الإسلامي قبل فترة حكم بني امية، ففي عهد الدولة الإسلامية والذي يسمى في التراث الإسلامي بعصر” الخلفاء الراشدين” كان اختيار الخليفة يعتمد على شورى المسلمين، ويمكن أن نقول أنه يشبه في عصرنا الحالي الأنظمة الديمقراطية والانتخابات التي تحصل فيها، ومن بعدها تحول نظام الحُكم للنظام الملكي القائم على حكم الأسرة، كالأمويين في المشرق وفي الأندلس ومن ثم العباسيين. يمكننا القول أن القاسم المشترك بين كل أنظمة الحكم الإسلامي سواءً كانت القائمة على الشورى أو الحُكم الأُسري هو عِرق الحاكم، فقد كان يُشترط في الحاكم أن يكون عربياً قُرشياً فقط.

كان حُكم الدولة الأموية من أكثر فترات الدولة العربية الإسلامية عبر تاريخها الممتد منذ 1425عام، فقد بلغت قمة اتساعها، فوصلت ذروة الاتساع في عهد الخليفة الأموي العاشر وهو هشام بن عبد الملك، ففي الشرق كانت وصلت تخوم الصين، أما في الغرب فقد وصل المسلمين إلى حدود فرنسا بعد أن أحكموا سيطرتهم على الأندلس. تنقسم حقبة حكم الدولة الأموية إلى فترتين، الفترة الأولى هي حكم بيت آل أبو سفيان، والتي بدأت في العام 41ه الموافق ل 622م، حيث استلم معاوية بن أبي سفيان زمام الحكم من الحسن بن علي، وجاء من بعده ابنه يزيد في الحكم، وانتهت حقبة آل أبو سفيان في سنة 64ه الموافق 683م، حيث كانت سنة استلام مروان بن الحكم لمقاليد الحكم من ابن يزيد بن معاوية.

كان للدولة الأموية إنجازات عظيمة، فقد قاموا بتعريب الدواوين والعملة النقدية، كما وصلوا بسيطرتهم لمشارق الأرض ومغاربها، ولهم إنجازات عظيمة في مجال الزراعة والتجارة والصناعة ولا يتسع مقالنا هذا لذكر كافة إصلاحاتهم وإنجازاتهم. لقد كان دولة بني أمية ككل الدول الفتية في طور التأسيس، فكان لها مؤيدين كُثر، ولكن كان لها معارضين سعوا للإطاحة بها، اتخذت تلك الحركات طابع دموي فحاولت إسقاط الدولة الأموية بالقوة المسلحة، وفي عهد الدولة الأموية كانت ولادة الحركة الشعوبية التي سعت لمحاربة أي مظهر عربي في الدولة الإسلامية، وسنستعرض أهم تلك الحركات وأكثرها تأثيراً.

مساجد الدولة الأموية
مساجد الدولة الأموية

الحركات التي حاربت الدولة الأموية

1 – الخوارج:

ظهور الخوارج:

هم الفئة التي انسحبت من جيش علي بن أبي طالب في معركة صفين. هرب الخوارج من الكوفة إلى حروراء ثم إلى النهروان بقيادة عبد الله بن وهب الراسبي، وقتلوا أثناء فرارهم الصحابي عبد الله بن خباب فنقم عليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسار إليهم، واشتبك معهم في موقعة النهروان وهزمهم وقتل قادتهم. دبر الخوارج مؤامرة للتخلص من علي بن أبي طالب وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان ولم ينجحوا إلا بالتخلص من علي بن أبي طالب.

الخوارج في عهد معاوية:

عند مبايعة معاوية استعد الخوارج لقتاله، فأرسل معاوية لأهل الكوفة لمحاربة الخوارج وبالفعل تمكنوا من هزيمتهم. وقام من بعدهم جماعة بقيادة حيان بن ظبيان بعهد المغيرة بن شعبة وارادوا الخروج عليه سنة 43 هجرية/663 م لكنه علم بأمرهم فسجن قادتهم وضيق عليهم فهاجروا خارج الكوفة.

رحيل الخوارج إلى مكة:

لما اشتدت وطأة والي الأمويين عبيد الله ابن زياد على الخوارج بالبصرة، أرادوا الهجرة إلى مكة التي كانت تخضع وقتها لعبد الله بن الزبير، وبالفعل هاجر قسم كبير منهم إلى مكة.

خلاف الخوارج مع عبد الله بن الزبير:

سأل الخوارج ابن الزبير عن رأيه في عثمان بن عفان فقال لهم: إني وَليُّ لأبن عفان في الدنيا والآخرة، فتركوه وهاجروا خارج مكة.

الأزارقة:

بايع الخوارج نافع بن الأزرق، واستولوا على الاحواز وكرمان فأوكل ابن الزبير مهمة قتالهم للمهلب بن أبي صفرة فهزمهم في الأحواز وقتل زعيمهم، وهربوا إلى فارس.

الخوارج في عهد عبد الملك بن مروان:

كان الحجاج بن يوسف والياً على العراق فأرسل إلى المهلب يطلب منه قتال الخوارج، فواجههم المهلب وقتل زعيمهم فولوا عليهم قطري بن الفجاءة فلاحقهم المهلب ففروا منه وهرب زعيمهم قطري بن الفجاءة فولوا عليهم عبد ربه، فلاحقهم المهلب وانتصر عليهم

الخوارج الصفرية: بعد القضاء على الأزارقة حارب الحجاج الخوارج الصفرية فهزموا جيوش الحجاج في عدة معارك ثم هاجموا الكوفة ودخلوها فعاد إليها الحجاج وهزمهم.

 

الخوارج في عهد عمر بن عبد العزيز:

لم يستعمل خليفة الدولة الأموية عمر بن عبد العزيز العنف معهم وإثر ذلك لم يكن لهم تحركات قوية في عصره، حيث اتسم عصر عمر بن عبد العزيز عموماً بالهدوء والرغد، ولم تكن فيه حروب داخلية كبيرة.

الخوارج في عهـد يزيـد بـن عبـد الملـك:

تجددت المواجهات مع الخوارج في عهد يزيد، فأرسل لهم جيشا فقتل شوذب وهزمهم.

الخوارج في عهد هشام بن عبد الملك:

خرج بهلول الشيباني في الموصل على هشام فأرسل له جيشا فهزمه بهلول وسار إلى الموصل فطلب عامل الموصل المدد من هشام ودارت معركة قتل على إثرها بهلول. وفى عهد الخليفة مروان بن محمد آخر خلفاء الدولة الأموية خرج عليه الضحـاك الشيباني وبسطام البيهسي وحمزة الخارجي.

رأي الخوارج في الخلافة:

يرى الخوارج أن الخلافة يجب ألا تقتصر على قـريش العرب يجب أن يتولاها خير المسلمين.

فرق الخوارج:

تفرق الخوارج عشرين فرقة مختلفة وأشهرها الأزارقة والنجدات والصفرية والعجاردة.

أسباب فشل ثورات الخوارج:

1 – خروجهم بأعداد قليلة وفترات متباعدة

2 – طغيان التشيع على أهل الكوفة ومخالفة ذلك لمذهبهم

3 – محاربة أهل البصرة لهم

4 – تفرقهم إلى فرق متعددة

5 – أعمالهم التخريبية.

2 – الشيعة:

ظهور الشيعة:

في معركة صفين انقسم أعوان علي لقسمين: الأول اعتزله وهم الخوارج والثاني والاه وهم الشيعة، ضعف الشيعة كثيرا بعد مقتل علي بن أبي طالب ولم يوافقوا على الصلح مع معاوية.

الشيعة في عهد معاوية بن أبى سفيان:

بعد تولي زياد ابن أبيه العراق وعلم بتدبيرهم مؤامرة ضده وضد معاوية فأمسك بزعيمهم حجر الكندي وأصحابه وأرسلهم لمعاوية فقتل حجر وبعض أصحابه وعفى عن البقية.

الشيعة في عهد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان:

ولما تولى يزيد بن معاوية الخلافة عارض أهل الحجاز بيعته فطلب من والي المدينة أن يأخذ البيعة بالقوة من الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر، فرفض الحسين، ولما علم أهل الكوفة بذلك أرسلوا للحسين رسائل يطالبونه بالقدوم للكوفة وقيادتهم فأرسل إليهم مسلم بن عقيل لأخذ البيعة منهم وبايعه اثنا عشر الفاً من أهلها فأمر يزيد بضم الكوفة إلى والي البصرة عبيد الله بن زياد الذي قبض على مسلم بن عقيل وقتله. توجه الحسين إلى الكوفة والتقى مع جيش ابن زياد في كربلاء وحدثت المعركة وقتل فيها الحسين في عاشوراء سنة 61هجرية/680م. بعد مقتل الحسين اجتمع الشيعة بزعامة سليمان بن صرد الخزاعي للمطالبة بالثأر والتقوا بجيش ابن زياد في عين وردة وهزمهم 65هجرية/685م، وما لبثوا ان ثاروا مرة أخرى بقيادة المختار الثقفي، فأخضعهم ابن زياد وقبض على المختار الثقفي وسجنه إلى أن أطلق يزيد بن معاوية سراحه

الشيعة وعبد الله بن الزبير:

عين عبد الله بن الزبير أخاه مصعب والياً على العراق في الوقت الذي استفحل فيه خطر الشيعة بقيادة المختار الثقفي، حيث قاد جيشاً والتقى بجيش المختار الثقفي في المدائن فهزمهم مصعب وقتل الثقفي.

الشيعة في عهد هشام بن عبد الملك بن مروان:

في عهده ثار العلويون بقيـادة زيد بن علي زين العابدين بن الحسين والتقـى ب والي الدولة الأموية وحدثت معركة قتل فيها زيد، وبايع اتباعه ابنه يحيى الذي ثار في زمن الوليد فأرسل له نصر بن سيار والي خراسان الذي طارده وقتله.

3ثورة عبد الله بن الزبير:

أعلن عبد الله بن الزبير ثورة في المدينة، وأرسل يزيد جيشاً للمدينة بقيادة مسلم بن عقبة المري، فذهب ابن الزبير إلى مكة فلحقه الجيش لمكة وتوفي مسلم المري وتولى الجيش الحصين بن نمير السكوني الذي حاصر مكة، وتوقفت هذه المعركة بخبر وفاة يزيد بن معاوية.

أعلن عبد الله بن الزبير نفسه خليفة وبايعته الامصار فقاد عبد الملك جيشا للعراق لقتال مصعب بن الزبير سنة 71هجرية/690م وحدثت معركة “باخمرا” التي انتصر فيها وقتل مصعب بن الزبير.

أرسل عبد الملك جيشاً بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي الذي زحف باتجاه مكة وحاصرها ومن ثم قتل عبد الله ابن الزبير.

4الثـورة العباسية:

مرت بمرحلتين:

 1 – الأولى:

سرية من سنة 100هـ -129 هـ انتشر فيها الدعاة في كل البلدان متخفين باسم التجار ويدعون لمبايعة العباسيين.

2 –الثانية:

هي مرحلة إعلان الثورة ، بقيادة أبو مسلم الخرساني، ولما تأزم الموقف بخراسان أرسل نصر بن سـيار إلـى الخليفة مروان بن محمد يطلب مسـاعدته وفي هذه الأثناء حشد أبو مسلم الجيوش وهزم نصر بن سيار و أرسل جيوشاً للعراق وعند إكمال سيطرته عليها ظهر أبو العباس ودخل مسجد الكوفة وأخذ البيعة ربيع الأول سنة 132هجرية/748م، واستعد مروان بن محمد للقضاء على العباسيين، فأرسـل إليه أبو العباس جيش والتقى الجيشان عند نهر الزاب الكبير وهزم الأمويين، وفـر مروان إلى مصر فطارده القائد العباسـي وقتله سنة 132هـ/749م وبذلك سقطت الدولة الأموية.

شاهد أيضاً:

شروط ونظريات قيام الحضارة

التعليقات مغلقة.