الإعلام الغربي والحريات في المشرق

0

الإعلام الغربي والحريات بعد الحرب الثانية

منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وانتقال دول العالم الأول بما فيها أوروبا وأمريكا والدول الناطقة بالإنجليزية، من مرحلة الصراعات الدموية بين بعضهم لمرحلة السلام، أطلَّ هؤلاء المتحاربون السابقون فيما بينهم، أطلّوا على العالم بمبادئ كثيرة، وكان عنوان تلك المبادئ هو: إعلاء الحقوق والحريات للأفراد في مجتمعاتهم.

بالفعل عكفت الماكينة الإعلامية لتلك الدول على تسويق هذه الرواية، وقدَّم العالم الغربي نفسه على أنه قِبلة الدفاع عن الحقوق والحريات حول العالم، ولكن تم تسويق هذا الموضوع بشكل أناني من دول الغرب، وكان ذلك برؤية الموضوع من وجهة نظرهم المجتمعية، دون الالتفات لخصوصية المجتمعات الأخرى.

الإعلام الغربي
الإعلام الغربي

الإعلام الغربي وقضايا العالم الإسلامي

كان الإعلام الغربي وما زال، يتعامل قضايا العالم الآخر بمبدأ: “عين غافلة وعين ناظرة”، أي يتعامل  بازدواجية   في المعايير  وخصوصاً عندما يصبح الموضوع متصلاً بقضايا المجتمعات المسلمة، والتي كانت في غالبيتها بيوم من الأيام إحدى مستعمرات الدول الغربية، فقد أورثوا تلك المناطق الفقر والجهل، بشكل يرقى لأن يكون جريمة منظمة، ومن ثم يأتي هذا الإعلام ويتشدق بدور دوله الإنساني في تحرير ذاك المجتمع، أو غزوهم لدولة ما وتدميرها بحجة تأمين حياة ديمقراطية لأفراده، بل ويصور ذلك الإعلام دوله على أنها راعية السلام والأمن والحريات، مع أن الفظائع التي ارتكبتها الدول الغربية، في دول العالم الثالث يستحيل أن يتم إلغاؤها.

ومع ظهور عصر المعلوماتية، واتصال قارات العالم كلها سويةً، ظهرت مصطلحات مثل تحرير المرأة وحقوقها في الإعلام الغربي وبشكل فاضح، وبدأ استغلال هذا العنوان من قبل منظمات وجماعات سياسية لتحقيق مكاسب مبطنة وظاهرها حقوقي، فأصبح ذلك الإعلام يروج لثقافة جديدة، ثقافة متصلة بالمظهر دون الجوهر، فأصبح موضوع حجاب المرأة المسلمة ومظهرها هو حديث  وسائل إعلامهم  ، وتناسى ذلك الإعلام قضايا مهمة في حياة المرأة مثل تمكين المرأة في المجتمع، وتحسين وضعها الاقتصادي المتردي في ظل ظروف اقتصادية سيئة في بلدها، والذي يتحمل الغرب مسؤولية كبيرة فيه من حيث التركة الاستعمارية الكبيرة التي تركها في تلك البلدان، وتقاعسه عن واجباته التنموية في البلدان المتأخرة اقتصادياً بالاعتماد على مبدأ التكامل الاقتصادي العالمي، كما يروج الإعلام الغربي لقضايا حقوقية كثرة لا تمت لمجتمعاتنا بصلة، فهو يتناولها من المنظور الغربي فقط، وأشاح النظر عن هموم الناس في تلك المجتمعات، كالأوضاع المتردية للقطاع الصحي، وعدم وجود بنى تحتية تعليمية كافية في تلك البلدان، وهذا الإعلام ذاته تجاهل تسليط الضوء على القوانين والأنظمة المجحفة في تلك المجتمعات، ولم يسعى لاستخدام سلطته لمحاولة الإصلاح الحقيقي.

الخلاصة

نستطيع القول أن الإعلام الغربي تفاعل مع القضايا في المجتمعات الأخرى بمبادئ سطحية دون الولوج لأصل المشكلة، وكانت شعاراته في الدفاع عن الحريات والحقوق عبارة عن وسيلة ضغط فقط تقف خلفها أجندة سياسية واقتصادية، وغالباً كانت المؤسسات الإعلامية الغربية تتعامل مع قضايا العالم الإسلامي وفق أجندة سياسية، توثَّق ومن خلالها رؤية حكوماتها لهذا العالم.

التعليقات مغلقة.