مسلسل قيد مجهول

82

على امتداد حلقات المسلسل وتتابع مشاهده المتماسكة بخيط رفيع، ومبهم، كنت أرى البطل سمير (عبد المنعم عمايري) ضحية لشخصية يزن (باسل خياط) المخادع والذي سيغدر بسمير وبصداقتها في أي لحظة. كنت أنتظر كيف سيتم حبك وربط كل تلك الجرائم بطريقة ذكية على يد يزن، فيستدل من خلالها الأمن الجنائي على الجاني (والجاني المظلوم _في آن _الذي كنت أنتظر ظهوره كان سمير) كل ذلك لم يحدث وخابت توقعاتي. الكثير من الأحداث غير المتوقعة موجودة في المسلسل لكن أغربها كانت النهاية في آخر حلقتين، عندما بدأت حقيقة شخصية سمير بالتّفكك والظهور.

اتضح لاحقاً أن من المستحيل أن يكون سمير ضحية يزن، فهما الشخص ذاته! تماسك عزيزي القارئ، كنت أشاهد حلقات المسلسل بذات الدهشة والحيرة اللتان تتملكانك الآن.

بعد أمْرِ المحقق في الأمن الجنائي العناصر بإخراج المتهم سمير من السجن لعرضه على طبيب نفسي، ذهب المحقق مع سمير لأخذ إفادة الطبيب فيما يخص المتهم، فكان جواب الطبيب أنه مريض إما بالفصام أو بمرض يسمى اضطراب الهوية التفارقي. كانت استجابة المحقق للتشخيص تلفت الانتباه، حيث قال: “الفصام منعرفه، بس شو هاد اضطراب الهوية التفارقي؟”
هنا كان بإمكان المشاهد أن يعي أن شيئاً مهما يوشك أن يقال، فيؤثر على معطيات التحقيق، وعلى مجرى أحداث القصة ككل. كان هذا المشهد أول المشاهد التي فككت تشابك خيوط الحبكة الدرامية.

شخصيات كانت تعلو المحقق مرتبة طلبت منه التوقف عن التصرف بهذا الشكل الاندفاعي، وأمرته بعدم اتخاذ أي إجراءات أخرى دون إذن من النائب العام. كانوا يرون أن القاضي بإمكانه تحديد ذلك من خلال رؤيته للمتهم سمير، دون تدخل من المحقق، علماً أنه هو من طلب الطبيب النفسي لسمير بعد محاولته قتل نفسه ودون وعي منه بذلك.

وبالعودة إلى مجريات الأحداث، كان سمير يشك بعفاف زوجته، وفي مشهد في الحلقة الأخيرة قال سمير لطبيبه أن أخته تعرضت للاغتصاب وهذا عار لا يقوى على مواجهته، وحينما نقل الطبيب كلامه لوالده أفاد الوالد بأن سمير ليس لديه أخت أساساً! هذا المشهد لم يكن الغرض منه توصيف الحالة المرضية التي يعيشها سمير، إنما كان نتيجة للوضع المأساوي للبلد بشكل عام، ونساء البلد بشكل خاص، وما تعرضن له من أذى بشتى أشكاله، إذ أن المرض _بحسب تعريفه وحسب ما ورد في المسلسل أيضا _ هو مواجهة المريض لكل ما يخشى مواجهته بشخصية متخيلة يصنعها هو؛ فيواجه ويتحدى وينتقم بها، وقد ذكرنا أن سمير ليس لديه أخت، إذاً السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لم سيحاول سمير الهرب من عارٍ اعتراه، أو اعترى عرضه، إن لم يكن لديه أخت من الأساس؟!

بمراجعة أسباب المرض وأعراضه التي حاول المسلسل تسليط الضوء عليها، نلاحظ أن هذا المشهد عُرِض لوصف تأثر سمير بحال البلد المتردي، بالإضافة إلى وصيف الحالة النفسية ذاتها. فبحسب الحالات المشخصة باضطراب الهوية التفارقي فإن أسبابه تعود لسوء المعاملة، أو الحروب أو المشاكل النفسية التي تعرض لها الإنسان في طفولته. 90 ٪ من الحالات لها تاريخ مع سوء المعاملة أثناء الطفولة. وعلى صعيد آخر، يوجد نظرية تقول بأن هذا الاضطراب قد يكون نتيجة لتقنيات علاج نفسي غير متناسبة مع الحالة، خاصة في الحالات التي يستخدم بها المعالجون التنويم المغناطيسي. حتى الآن أسباب هذا الاضطراب غير معروفة ولم يتم الجزم بها.

مسلسل قيد مجهول هو مسلسل سوري من بطولة باسل خياط وعبد المنعم عمايري، حيث تدور أحداث المسلسل ….

.

 

التعليقات مغلقة.