نعمة المرض لمن تفكر في حكمة الله

97

المرض يرزق الانسان الحسنات والثواب

من منا لم يمرض وإن كان زكام عابر، المرض واحد من أسوأ كوابيس الانسان وواحد من أصعب الامتحانات التي كتبها الله علينا، لكن المرض بحد ذاته هو نعمة من نعم الله التي تجعلك تكسب الأجر وأنت نائم في سريرك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول؛ إذا مرض العبد أو سافر، كتب الله تعالى له الأجر مثلما كان يعمل صحيحاً مقيما. إذن لا تدفن نفسك في أمواج الألم -إن منعك المرض عن الصيام فتأكد أن الله يعلم النوايا في القلوب وإن منعك المرض عن القيام فعليك أن تجزم أن الله كتب لك ثواب نيتك الخالصة لوجه الله.

وهي نعمة من الله لعباده الذين يحبهم، الذين ابتعدوا عن طريق الحق, أو قد يكون رفعاً لدرجات الانسان فأكثر المبتلين هم الأنبياء والأولياء لذا اشكر الله أنه اصطفاك ليخلصك من غفوة الحياة الدنيا.

تقبل المرض هو أولى خطوات الشفاء

لنتقبل المرض علينا أولاً تقبل الموت ولتعلم يا أخي المؤمن أن الموت ليس مخيفاً بل هو مستقر الانسان الأخير بعيداً عن آلام الحياة واختباراتها فلا تجزع من فكرة مجاورة الرحمن وإن الخوف من وقوع القدر لن يغيره بل فقط سيجعلك تتألم بشكل أكبر, وتذكر أن من حكمة الله أنه جعل لنا لذة الشفاء ولذة الثواب بعد الألم. المرض يتطور بالقلق والخوف وعدم التوكل على الله فبدلاً من الهلع والرعب علينا التفكر والتمعن في حكمة الله ومعرفة الرسالة التي أرسلها الله لنا عبر هذا المرض. المرض يحمي الانسان من موت الغفلة ويجعله مقبل على الله في معظم الأوقات فيستمر بالعودة إلى الله ولا ينقطع عن خالقه.

التحسر على المرض هو نكران لنعمة الله

أعلم يا أخي أن التحسر والحزن على سنين عمرك وأيامه التي قضيتها في المرض ما هو إلا عودة إليه برغم عدم وجوده وإنما القلق هو بحد ذاته مرض وهلاك لعقل الانسان وتشويش بل عليك أن تسعد باللحظات المؤلمة التي قطعتها وأن لذة الشفاء ستمحي كل ما مررت به من ألم وتعب. وتذكر أننا كلنا راحلون إلى حفرة التراب فما أجمل أن يرفع الله مقامك بالمرض ويخلصك من الذنوب والخطايا -صحيح أنك تتعذب لكن لا تنسى أنها دنيا زائلة لا محالة وأن مثوى الانسان الأبدي هو الأهم- المرض يجعلنا نستحضر الموت ونستذكر أن الحياة شيء زائل وأن أعظم ما فيها من ملذات يستحيل أن يبقينا على قيد الحياة إلى الأبد.

المرض ليس نعمة للمريض فحسب

المرض يجعل الرحمة والرأفة تجتاح قلب الإنسان وتبعده عن التكبر والغرور فتشعر بالتواضع والتسامح لأنك تكون بحاجة لمساعدة الآخرين وهذا ما يسحب من القلب البغض والكره ويجعل القلوب تتآخى، وما أجمل أن يبعدك الله عن طريق الخطأ دون أن يتركك غارقاً في معاصي الدنيا وملذاتها. وتذكر أنك لا تكسب الأجر وحدك فحسب بل يكسبه أيضاً من يرعاك ويساعدك -الطبيب والممرضين وأبويك وإخوتك وأصدقائك- لذا لا تجزع إن كنت تشعر أنك ثقيل على الآخرين فالله لا يضيع أجر المحسنين وكل له جزاءه من الله سبحانه وتعالى. فمرض الوالدين ورعايتهما هو من البر وهو جزء من رد الجميل والإحسان إليهما. وحتى مرض الأطفال الرضع فهو سبيل لتنقية ذنوب الوالدين واختبار صبر من شأنه أن يرفعهم درجات ويزيدهم قوة.

انظر إلى نعم المرض وتلذذ بها

إذا أصابك الله بالشلل فاحمده على نعمة البصر وانظر إلى نفسك من زوايا القوة ستجد أن الله عوضك أضعاف مضاعفة عن المرض الذي أصابك فانظر إلى الأبكم كيف يتقن لغة الإشارة بمهارة وسرعة وانظر إلى فاقد البصر كيف يستطيع فهم المحيط حوله ومعرفة كل شيء باستخدام يديه فقط. فما فائدة الحياة بدون اللذة بعد المتاعب -فكر في الأغنياء الأصحاء الذين يقدمون على الانتحار إن سبب ذلك هو فراغ حياتهم من المحاربة وفقدانهم لنعمة لذة الراحة بعد المشقة. ولا تنسى أن المرض نعمة من الله حيثما نظرت فهو سبيل لقبول دعائك وعلو درجاتك.

البلاء يستمر إلى أن يطهر قلبك

أياً كان نوع البلاء مرض أو فقر أو نقص في الأنفس فهو دائماً يكون سبيلاً لكسر كبرياء الانسان وايقاظ قلبه عن غفلته فإما يكن الإنسان قوياً ويصبر على حكمة الله واختباره ويخرج من محنته فأضل مما كان قبلها وإما يكون ضعيفاً فيدخل في دوامة الحسرة والتألم على ما فات ولا يخرج من محنته أبداً.

التعليقات مغلقة.