ساعي العواطف.. الزاجل المُفتقَد

29

هل العصافير بصوتها الجميل تنادي العاشقين حقاً؟

هل العصافير بصوتها الجميل تنادي العاشقين حقاً؟ تناديهم ليُعدّوا رسائلهم كي يرسلوها للأحباب التي فرقتهم الحدود و الصحارى، فرقتهم الشطآن التي لا تكاد تهدأ من كثرة الغادين والرائحين، تناديهم هيا حان وقت الرحيل فإمكانكم تلقِينَنا عباراتكم الجميلة، و تسليمنا رسائلكم المطرزة، تنادي العصافير باحثة عن زبائن شغَفَ قلبها انقطاع الأخبار تنادي بأعلى صوتها و لكن لا من مجيب!

أيّتها العصافير كم حملتي من الهموم عندما رأيتِ في طريقكِ الطويل عدد المهّجرين قسراً من بني البشر قد تخطى عدد مهاجريكم طوعاً ؟ عندما رأيتِ تلك الكثبان البشرية تحمل الحقائب على ظهورها.. أستحلفك ألم تقولي كم حمل هؤلاء البشر ألبومات صور؟ ألم تحزني عليهم ألم تقولِ ما دهاهم؟


كم كنتِ مغفلة أيتها العصافير عندما ظننتِ أن الزبائن ستغْدق عليكي أفواجاً؟ كم أنتِ مسكينة أيتها العصافير عندما جازفتِ و غصتِ البحار لتحصلي على الاوميغا لتُقوّي ذاكرتك لأنك قطعتي على نفسك الوعود بأن لا تنسي حتى عدد دقات قلب المحبين عندما تسلمين رسائلهم.. لأنك قطعتي الوعود على نفسك بأن تحفظي حتى أنغامهم الشاعرية.
ألم تعلمي يا عزيزتي بأنّ بني البشر أستغنوا عن خدماتكِ؟ ألم تسترقي السمع لتعلمي أن كتاباتهم صارت تصل بلمح البشر؟ أما افتقدتي دقات القلوب تلك؟
أيتها الجميلة أودُّ أن أقول لك أن أسلافنا كانوا بحاجة إلى تقوية الذاكرة أكثر منّا، فنحن أوجدنا أجهزة تحفظ كل العبارات كل الكلمات كل الصور حتى استغنينا عن الألبومات التي ظننت أن الحقائب ملأى بها.

ما أعذب أصواتكنّ و أنتنّ تبحثنّ عن مأوى بين ضلوع أضحت حيرى.


وفي الختام هل تمنّى أسلافنا أن تكون ذاكرة العصافير كبيرة لتحفظ الكلمات مع الدقات و الأنغام بقدر ما نتمنّى نحن أن تحمل أجهزة إرسالنا دقاتِ قلوبنا و عواطفنا مع كلماتنا؟ كم تمنّت بعض البشر أن تكون العصافير برمائية لتصل أعماق البحار و المحيطات عساها أن تحمل مفاجآت تبعث الحياة من جديد في أموات لم يفرقها سوا طول العمر فقط عن أحبائهم؟ هل إذا امتلكت العصافير ذواكرة كبيرة السعة ستعود لسوق العمل من جديد؟

لم لا فهي أَمِينة و تلتزم بحقوق الخصوصية بين العاشقين، وهي أوثق ساعي عواطف.

التعليقات مغلقة.