تأثير استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال

2

من المخاطر التي ظهرت في السنوات الأخيرة وأصبحت ظاهرة تستحق الدراسة هي استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، فقد كان التطور التكنولوجي والتقني الذي شهدته مجالات العالم الافتراضي كافية لوصولها إلى كل منزل في العالم، وسهل تلك العملية اعتماد أبناء المجتمع على الأجهزة المحمولة واللوحية في عدة مجالات، فكان وصولها إلى أيدي الأطفال يسيراً في ظل امتلاك الأجهزة التكنولوجية الحديثة وانتشار الإنترنت في كل منزل، بل أصبح امتلاك الأطفال لأجهزة الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية ضرورة حتمتها العادات المنتشرة في المجتمع إلى جانب ضروريات التعلم عن بُعد والتي كانت مصاحبةً لأزمة انتشار فيروس كورونا حول العالم، وبشكل عام تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف منصاتها جزء كبير من حياة كل شخص في هذا العالم المتقدم، حيث يقضي الفرد ساعات طويلة على الأجهزة الخاصة به، لكن استخدام الأطفال لوسائل التواصل له ضرر أشد حدة من تأثيره على الكبار، حيث أن الطفل يكون في طور التكوين ويتأثر بشكل كبير بكل ما يستعرض أمامه من تجارب.

 ولا شك أن هناك تأثيرات على الأطفال سواء كانت سلوكية أو نفسية في استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من إدراك أولياء الأمر لتلك المخاطر إلا أنهم ما زالوا يستمرون في منح أبنائهم حرية الدخول والولوج إليها، حتى أن البعض منهم لا يمنح الوقت الكافي لأطفاله من أجل توعيتهم بالمخاطر المحتملة التي قد تسببها وسائل التواصل عليهم.

فمن المشكلات التي قد تترك أثراً على الأطفال نتيجة الاستخدام المتعدد لوسائل التواصل الاجتماعي، وبشكل خاص على الصحة النفسية للطفل، مشكلة الأرق وعدم التواصل مع الوسط المحيط بشكل فعال ومشكلات ضعف النظر، وقد أثبتت العديد من الدراسات التي أجريت خلال السنوات الماضية أن واحداً من كل عشرين طفل يتعرض لمشكلات نفسية كالقلق والتوتر والإكتئاب بسبب استخدام وسائل التواصل بصفة مستمرة خلال اليوم، وحذّرت تلك الدراسات أن تعرض الطفل لوسائل التواصل الاجتماعي بشكل مستمر يشكل خطراً على الصحة النفسية له، بسبب سهولة التأثير على أفكاره وتوجيهه لبعض القضايا التي تعتبر غير مقبولة في سن الطفولة، وحذّر أطباء من خطورة عدم الإشراف العائلي على الطفل خلال استخدامه لتلك الوسائل، حيث أن الأطفال يكونون عرضةً لصدمات نفسية في حال مشاهدتهم مظاهر تدل على العنف.

إلى جانب تلك المشكلات فإن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم له تأثيرات مباشرة على مقدرة الطفل على النوم، حيث أن الضوء المنبعث من شاشات الجوال أو الأجهزة اللوحية تؤثر على إفرازات المخ التي تساعد الجسم على الخلود إلى النوم، وحذّر باحثون من اختلالات النوم عند الأطفال وارتباطها باستخدام وسائل التواصل، فالنتيجة لا تظهر في النوم فحسب، بل يمتد ذلك للتأثير على قدرات الطفل الإبداعية وتطور قدراته الحركية.

أما من الناحية السلوكية فإن استخدام الأطفال لوسائل التواصل بشكل مستمر ستؤثر بشكل تدريجي على علاقات الأطفال ببعضهم البعض، فالأطفال بطبيعة الحال هم بحاجة لتنمية مهاراتهم الاجتماعية من خلال التواصل مع أقرانهم عبر التواصل بالكلام المباشر وحركات الجسد ونظرات العين، وكل ذلك إنما يساعدهم فيما بعد على التواصل بشكل ناجح مع الآخرين، إلا أن وسائل التواصل تحرم الأطفال من تجربة الحصول على تواصل حقيقي مباشر مع غيرهم، وهو ما يقلل القدرة لديهم على التعبير بالكلام أو القدرة على فهم مشاعر الآخرين والتأمل فيها، وهو ما يخلق مشكلة يصعب حلها عند تجاوزهم مرحلة الطفولة.

ويكمن الحل في عملية حماية الأطفال عبر إتباع خطوات سهلة، حيث أن ولي الأمر يجب عليه شرح الأمور التي قد يصعب للطفل فهمها، كما يتوجب على ولي الأمر متابعة حسابات أبنائه، ومعرفة الأشياء التي تعرض لأبنائه وما يتعرضون له من أفكار على وسائل التواصل، كما أن بإمكان ولي الأمر تحديد ساعات معينة لاستخدام الأجهزة المحمولة، وأن يتبع جدولاً يومياً يكون موضح فيه ساعات الاستخدام، على ألّا يزيد عن عدد معين من الساعات، ومن الأفضل أن تكون تلك الساعات المحددة قبل خلود الطفل إلى النوم، لما لذلك من حماية له من الإصابة بالأرق، كما على ولي الأمر أن يتدخل بشكل عاجل في حال لاحظ اختلاف في مزاج ابنه أو قدراته على التواصل مع أحد أفراد الأسرة، وهنا يفضل أن يقوم الأب بمشاركة ابنه لاهتماماته من أجل عدم وصول الشعور للطفل بأنه مهمل من قبل والديه.

التعليقات مغلقة.