النظريات الخطية في التغير الاجتماعي

600

النظريات الخطية وتفرعات المفاهيم:

وصفت هذه النظريات بأنها تهتم بالتحولات التقليدية المستمرة في المجتمعات والتي توصل إلى هدف أو أهداف محددة، وتفترض هذه النظرية أن المجتمع يمر في حالة تحول من أجل تحقيق هذا الهدف من خلال المرور بمراحل وخطوات ثابتة، كما تنطلق هذه النظريات من افتراض أساسي وهو أن كل المجتمعات تتغير من الشكل البسيط إلى أشكال أكثر تعقيداً في خط مستقيم من التطور، وعكست هذه النظريات افتراضات تؤكد أن كل مرحلة متعاقبة تكون أفضل من سابقتها، وأتت نظريات التطور في إطار النظريات غير السوسيولوجية في نظرتها إلى التغير الاجتماعي، لأنها تقوم بتشبيه المجتمع بالكائن العضوي في تطوره من مرحلى إلى أخرى.

النظريات الخطية وتطور المجتمعات:

وتعد فكرة التطور من أهم الأحداث التي سيطرت على الفكر الإنساني خاصةً في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وتسللت هذه الفكرة من ميدان البيولوجيا إلى ميدان الدراسات السوسيولوجية، عبر تطبيق الفكر الدراويني من قبل بعض علماء الاجتماع وتطبيقها وإسقاطها على الظواهر والنظم الاجتماعية، بمعنى تشبيه التطور البيولوجي بالتطور الاجتماعي [1] .

الأنثروبولوجيا والتطور الاجتماعي:

كما اهتمت الدراسات الأنثربولوجية بدراسة التطور الطبيعي للإنسان والمجتمعات ونتائج توصل إليها الرحالة والمكتشفون الذين اتصلوا بالشعوب البدائية، وأكدتها الدراسات الأنثربولوجية، كما تزايد الاهتمام بدراسة الأجناس وخصائصها في ضوء فكرة وحدة النوع البشري، وكان لنتائج هذه الدراسات الأثر الواسع في تقدم الفكر التطوري البيولوجي والسوسيولوجي، فبعد أن نشر دراوين نظريته على أصل الأنواع في عام 1958م، اهتم بأصل الإنسان وتاريخه، كما فعل كلٌ من هكسلي وألفرد ولاس، وأخذت الأفكار التي تنادي بها تلك النظرية كالصراع من أجل البقاء والانتخاب الطبيعي والبقاء للأصلح تنتشر في المجتمعات الإنسانية كطريقة لتفسير التغير الاجتماعي [2] .

النظريات الخطية
النظريات الخطية-الأنثروبولوجي

النظريات الخطية وفرضية داروين:

إلا أن النظرية التطورية لم تتوقف على نظرية داروين فقط، بالمقابل هناك أعمال كونت وسبنسر و مورجان في الميدان الاجتماعي، بمعنى أن داروين اهتم بجسم الإنسان في حين اهتم سبنسر بعقل الإنسان، حيث أكد كل من أوجست كونت وهربرت سبنسر وهنري مورجان أن كل المجتمعات تمر بمراحل معينة ومتنوعة من التطور الاجتماعي [3] .

 

تفسير أوقست كونت لتطور المجتمع:

ويلاحظ أن  أوجست كونت   قد افترض أن مراحل التقدم التي صاغها في قانونه الذي سماه بقانون الحالات الثلاث لتوضيح المراحل التي مر بها الفكر الإنساني حتى بلغ تلك المرحلة الراهنة، حيث تشير هذه المراحل إلى تقدم أو تطور تدريجي يوضح التغير الاجتماعي الذي مرت به المجتمعات الإنسانية، وهذه المراحل هي: المرحلة اللاهوتية والعسكرية ومن ثم المرحلة الميتافيزيقية والشرعية، وتليها المرحلة العلمية والصناعية، ويرى كونت أن هذه المراحل الثلاث من التغير تتبع منها الأخرى كما أن المرحلة اللاحقة تصحح أخطاء، إلا أن المرحلة الأخيرة هي نهائية وختامية، أي تشكل النقطة النهائية للتطور أو التغير الاجتماعي، حيث تمثل الطبيعة أهم الأسباب المفسرة لكل الظواهر [4] .

أما سبنسر فقد فسر التغير الاجتماعي في ضوء التطور البيولوجي، وذلك عبر محاولته تطبيق قوانين العلوم البيولوجية على مظاهر النشاط الإنساني والتحول في البناء الاجتماعي، حيث قال أنه مثّل بين المجتمع والكائن الحي، وقال في هذا الصدد أن المجتمع شأنه شأن الكائن الحي متجانساً في استعداده، ثم يميل شيئاً فشيئاً نحو التغير والانتقال من التجانس إلى اللا تجانس، مما يجعله عرضةً للتغير أثناء مراحل تغيره، ودعم سبنسر آراءه السابقة في التغير معتمداً على ثلاث نقاط رئيسية هي: التباين المتكامل والانحلال والفناء [5] .

النظريات الخطية
النظريات الخطية والمجتمع

أما هنري مورجان فإنه يفترض أن مراحل التطور التكنولوجي ونظم القرابة ترتبط بمختلف المؤسسات الاجتماعية والسياسية، كما استنتج على أساس من المعطيات التاريخية أن الثقافة تتطور في مراحل متتابعة وفترات زمنية متعاقبة، كما تؤكد نظريته على أن  الثقافات المجتمعية  تنشأ بشكل متشابه وبنتائج محتومة من خلال ما أطلق عليه الوحدة النفسية للإنسان، حيث وصف تقدم النوع الإنساني من خلال ثلاث مراحل رئيسية، وهي المرحلة البدائية: حيث قسمها إلى ثلاثة أقسام وهي: المرحلة الأولى وهي  المرحلة الدنيا، والمرحلة الثانية وهي المرحلة الوسطى، والمرحلة الثالثة وهي  المرحلة العليا. كذلك  قام بتقسيم المرحلة البربرية إلى ثلاثة أقسام هي: مرحلة دنيا ومرحلة وسطى ومرحلة عليا [6] .

التعليقات مغلقة.