القيادة بطبيعتها وجوهرها تعتبر إستراتيجيات يتبعها المدراء من أجل تحفيز مجموعة الناس الذين يشرفون عليهم بشكل مباشر، وذلك من أجل تحقيق هدف مشترك في بيئة العمل، كما أنها ميزة يمتلكها القائد في التأثير على الناس أو على أفراد معينين من أجل خلق رغبة لديهم في إنجاز أهداف معينة، والقائد هو مصدر إلهام للآخرين، من المحتمل أن يكون مدير العمل، أو الفرد في المجموعة والذي يمتلك مهارات شخصية وقيادية تجعل الآخرين يرغبون في المتابعة في اتجاهاته التي يرها مناسبة ومفيدة للعمل بكافة أنواعه.
والقيادة الناجحة بشكل عام تقوم على إتخاذ قرارات صحيحة، وخلق رؤية واضحة لتحقيق الأهداف المنشودة داخل المنظمة، كما أن هذه القرارات في مجملها يجب أن تكون قابلة للقياس، وهناك أنواع عديدة للقيادة، منها القيادة الأسرية كقيادة الأب لأسرته، وقيادة الجد الأكبر للعائلة بأسرها، أو تكون على شكل قيادة رئيس الدولة للشعب، ومن ثم قيادة المدير للموظفين في منظمته، وللقيادة أهمية كبيرة كونها تعد حلقة الوصل بين خطط المنظمة والتصورات المستقبلية لها وبين المرؤوسين، وفي الوقت نفسه تساعد على جعل جهود الموظفين جميعاً موحدة لتحقيق هدف المجموعة أو الأهداف التي تضعها المنظمة من أجل التطوير وتحقيق الاستمرارية.
وعلى الرغم من وجود العديد من أساليب القيادة التنظيمية إلا أنني أجد نفسي متجهةً نحو إتباع أسلوب القيادة التحولية، وذلك لما لهذا الأسلوب قرب من السمات السلوكية والشخصية، والتأثيرات الموقفية التي أتعامل بها مع كافة الأفراد، سواء كانوا مرؤوسين من قبلي أو تعاملي مع الناس الآخرين في الحياة الاجتماعية، حيث أن القيادة التحولية تقوم بمبدأها على دمج قيم الموظفين الذين أرأسهم ووضع آمالهم واحتياجاتهم ضمن رؤية حقيقية وواضحة، ومن ثم تشجيع التابعين وتمكينهم للسعي وراء تحقيق هذه الرؤية، وبذلك فإني أقوم بتلبية احتياجات الموظفين الذين أرى أنهم قادرون على ممارسة دور هام في المنظمة، وأدعم طموحاتهم ووضع هذه الطموحات ضمن تصور تنظيمي، ومن خلال ذلك فإن عملية تحقيق الأهداف المنشودة من قبل المنظمة ستكون مسألة وقت، مدفوعة من قبل رغبة الموظفين في تحقيق ما يصبون إليه من أهداف، من أجل تغيير واقعهم الحالي وتحسين أوضاعهم المالية.
وأرى أن هذا الأسلوب يتلائم مع شخصيتي بشكل كبير، نظراً لأن القائد التحولي يسعى إلى تغيير الوضع الراهن عبر ما يتوفر لديه من إمكانيات، من خلال التطوير النفسي والدعم المعنوي للموظفين، وبذلك فإن عملية تقدم المنظمة تكون حاضرة بشكل ديناميكي دون اللجوء إلى استخدام أساليب أخرى، ودون تكاليف مبالغ فيها، بل تكون التكاليف منوطة بحجم العمل الذي يقوم به الموظفون، حيث أن أسلوب القيادة التحولية يقوم بوضع الحوافز والمكافآت كمحفز للموظفين من أجل التحول من موظف لا يقدم الإضافة إلى موظف فعّال، ويشجع الموظفين على استخدام الخبرات المتوفرة لديهم، ووضع هذه الخبرات أمام القائد من أجل خدمة المصلحة العامة للمنظمة.
وكأي إستراتيجية أو أسلوب قيادي فإن أسلوب القيادة التحولية له عناصر تقوم عليه، وهذه العناصر متوافقة بشكل كبير مع شخصيتي التي أمتلكها اجتماعياً، حيث أنني أسعى لمساعدة الناس على تطوير أنفسهم، وأحثهم على إيجاد الإيجابيات لديهم ونسيان السلبيات وتجاوزها، كما أساعد الآخرين على تحقيق أهدافهم، وهذه العناصر جميعها متوفرة في هذا الأسلوب القيادي، وفي كثير من الأحيان قمت بمساعدة زميلاتي في الجامعة على تطوير أنفسهن، وقمتُ بتدريب البعض منهم على تجاهل السلبيات والتركيز على الإيجابيات، والنظر إلى المستقبل بنظرة تفاؤلية، وهو ما يستند عليه فكر أسلوب القيادة التحولية، حيث أن القائد يتوجب عليه في الكثير من المواقف أن يكون متعاوناً مع مرؤوسيه، وفي الوقت نفسه يساعدهم على تجاوز المشكلات والصعوبات التي يواجهونها سواء في نطاق العمل أو خارج نطاقه، ويوفر القائد في هذا الأسلوب القيادي للموظفين ما يرغبون في تحقيقه من تطلعات وتجسيد أفكارهم على أرض الواقع، ودوماً ما يقوم بالثناء على الأفكار التي يقدمها الموظفون، وهو يقدم دفعة معنوية للموظفين من أجل استخراج أفضل ما لديهم من أفكار إبداعية تساعد البيئة المحيطة في العمل على التطور.
إلى جانب ذلك كله فإن أسلوب القيادة التحولية يشكل توفيراً حقيقياً لبيئة عمل مثالية، وتقوم بشكل رئيسي على دعم اتجاهات الموظفين، كما أنه يتضمن عناصر التمكين والاهتمام بالأفراد العاملين في المنظمة، ويحقق التركيز على المهام الموكلة إليهم، ويشترط لاستمرار الدافعية في العمل داخل المنظمة أن يكون القائد التحولي حاضراً في أي موقف، حيث لا يقتصر دوره على الإلهام فقط ، بل في أن يكون متواجداً دوماً، وعليه أن يستمر في بث أفكاره في إقناع الموظفين بأنهم قادرون على بلوغ الرؤية التي وضعتها المنظمة، كما يحثهم على تجديد الالتزام بالعمل والمهام الموكلة إليهم، وأن يعزز حماستهم، لكن ذلك لا يعني أن القائد التحولي لا يعمل، بل إن عمله يكون أكثر من أي فرد في فريقه.
التعليقات مغلقة.