المناهج التعليمية والدراسة الجامعية

7

في مطلع الألفية الجديدة، اكتشفت الولايات المتحدة أنّ المنهج التعليمي في كوريا واليابان يتفوق على منهجها، فأقامت مؤتمراً تحت عنوان “أمة في خطر” لتدارك المشكلة، وقد قال هذا المؤتمر أن أهم أسباب نهضة الولايات المتحدة هي علوم: اللغة الإنكليزية، الرياضيات، الفيزياء والحاسب الآلي. وعملت الولايات المتحدة بشكل جدي على ذلك لحفظ نهضتها.

إذا ما أتينا لمناهج التعليم في الوطن العربي ونحن في العام 2022م، فمن ناحية اللغة العربية قبل التعليم الجامعي فهي متطورة كما تطور البلدان المتقدمة، والآن تنبهت الجامعات العربية لهذه المواد وأصبحت تركز على  تحصيل الطالب بتلك المواد الأربعة بغض النظر عن المكان الذي حصل منه على شهادته الثانوية، لكن هناك ملاحظة أن الطالب الذي يكون على أبواب الجامعة لا يعرف أين يذهب! الموضوع هنا مرتبط بنمط التعليم وليس بالمنهاج، ويجب أن يوجد في المنهاج قبل الجامعة مادة يحدد من خلالها الطالب مساره الجامعي، ولكن هل يلتحق الطالب بالجامعات الحكومية بسبب ضعف الجامعات الخاصة أم قوة الحكومية؟ دائماً يكون التفضيل بالذهاب للتعليم الحكومي وذلك ليس لسوء الجامعات الخاصة ولكن دخول الجانب الربحي ساهم بانخفاض الجودة التعليمية فيها وحدوث فجوة بين المتخرج ومهامه.

والمشكلة تكون غالباً في المناهج التعليمية قبل الجامعية، ويجب العودة للمناهج القديمة الرصينة علمياً بدل المناهج الحالية بمعنى إعادة الهيبة للمناهج التعليمية، وحتى الجانب التربوي يحتاج لإعادته لطريقه الصحيح بتكاتف من الأسرة والمجتمع والإعلام.

في موضوع تكييف الإدارات للمناهج التعليمية بما يتناسب مع ضعيفي التحصيل فالموضوع وارد لكن لحد معين، وفيما يخص التسرب في الجامعات الذي يصل ل 10% أحياناً من الطلبة له عدة أسباب وليس المنهاج فقط، وعند التطرق لتأثير سوق العمل على مناهج التعليم فهناك فجوة بين متطلبات السوق وواقع التعليم الجامعي، لذلك نحتاج تطوير البحث التطبيقي للكليات، ويحتاج الخريج لفترة تأهيل للدخول لواقع العمل، ففي الدول المتقدمة فيما يخص الكليات المهنية فالشهادة هي شرط لازم وغير كافي فيما يخص التقدم للعمل.

وبالانتقال لموضوع الثقافة العربية كونها ثقافة أدبية، فهل أثّر هذا التوجه على اختيارات الطلاب للفروع الجامعية؟ يجب التركيز على اللغة العربية وهذا لا يتعارض مع العلوم الأساسية والتي يجب صهر العلوم فيها وذلك لا يمنع أن تدرّس بعض البرامج المعينة كالبرامج التقنية باللغة الإنكليزية دون الانتقاص من العربية، أما من ناحية إتقان اللغة العربية فيجب إتقانها كاملة قبل المرحلة الجامعية. وفيما يخص الهدف من الامتحانات النهائية وحيثية كونها المؤشر الوحيد على تحصيل الطالب؟ فهي قياس لما حصله الطالب من معارف من مقرراته، وإذا كان المنهج التعليمي موضوع بشكل رصين وشامل للأهداف التعليمية وتم اجتزاء فكرة واحدة من قبل المعلم لتعبر عن الامتحان فالرسوب هنا يكون ظالم للطالب.

عند التطرق لموضوع الانترنت والعولمة، هل اختلفت مهام الجامعات عما كانت عليه سابقاً؟

أصبح دور الجامعة غير مقتصر على إعطاء المعلومة وإنما معرفة طرق البحث، والتعليم عن بعد قادم وبقوة والموضوع متوقف على آليات ضبطه وتقييم الأداء، أما بخصوص خضوع التعليم في الدول العربية للميول السياسية، فيمكن القول أنها بالمطلق قد تأثرت بالميول السياسية وبشكل سلبي، وعند التوسع في هذه النقطة نقول أن دخول الجامعات الخاصة على أساس تخريج طلبة لسوق العمل، وهذا ما حذت حذوه الجامعات العامة أيضاً، و جعل العامل الاقتصادي ذو سطوة على التعليم أكثر من العامل السياسي الذي سيضمحل بدوره في قادم الأيام، والربيع العربي الذي حدث في العديد من الدول العربية سوف يحدث تغيرات كبيرة على كثير من الأمور ومنها البنية التعليمية والتي يجب أن يكون فيها دور تكاملي ما بين الجامعات العامة والخاصة شرط وجود مرجعية عامة لهما كهيئة عليا مثلاً تقوم بوضع السياسات العامة لها.

وعند التطرق للفارق الهائل بين ما قدمته دولة مثل كوريا الجنوبية من براءات اختراع مقابل النسبة الضئيلة للدول العربية في نفس المجال خلال العقدين الماضيين، فإنّ ذلك عبارة عن مرحلة من التخلف قد مرَّت، والتعليم في الدول العربية في مرحلة النهوض، وفي موضوع البحث العلمي وتطويره يجب أن يكون هناك دور فاعل للقطاع الخاص في تخصيص ريع معين للبحث العلمي، ورفد الجامعات به ويكون على أساس التنافسية وليس الاحتكار.

ويجب العمل على خَلق هيئة لتطوير المناهج تقوم بالاهتمام بأهداف الأمة وتطلعاتها وإيلاء أهمية للنهضة الاقتصادية، وإشراك الجامعات الخاصة والقطاع الخاص في هذه المنهجية.

التعليقات مغلقة.