التعبئة الجزئية بعد سبعة أشهر من الحرب:
مضى مئتي يوم منذ الحرب الروسية على أوكرانيا بعد حشدٍ عسكري طويل، والاعتراف الروسي بجمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة من جانب واحد وجمهورية لوغانسك الشعبية، أعقبها دخول القوات المسلحة الروسية منطقة دونباس في شرق أوكرانيا في 21 فبراير 2022 استخدمت فيها روسيا كافة أسلحتها المتوسطة والثقيلة في هدف تجريد أوكرانيا من سلاحها واجتثاث النازية منها والسيطرة على مدينة كييف العاصمة الأوكرانية ،
الهدف المعلن لروسيا من الحرب:
بعد سبعة أشهر من القتال التي تكبد فيها الجيشان خسائر فادحة بالعدة والعتاد والارواح، في محاولة من قبل روسيا تهدف الى السيطرة الكاملة على الجنوب وحققت القوات الروسية في البداية مكاسب سريعة في جنوبي البلاد، وكان هدفها الرئيسي إنشاء ممر بري بين شبه جزيرة القرم، التي ضمتها في عام 2014، والمناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون الذين تدعمهم روسيا في دونيتسك ولوهانسك , ولكن لم يطل الامر كثيراً بعد الغزو الروسي إلى أوكرانيا تقدمت أوكرانيا بطلب للحصول على عضوية في الاتحاد الأوروبي. طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي القبول الفوري بموجب إجراء خاص جديد ودعا رؤساء ثماني دول في الاتحاد الأوروبي إلى تسريع عملية الانضمام. في 23 يونيو 2022، اعتمد البرلمان الأوروبي قرارًا يدعو إلى منح أوكرانيا على الفور وضع المرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي. في 23 يونيو 2022، منح المجلس الأوروبي أوكرانيا وضع مرشح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
التعبئة الجزيئة وتصريحات الرئيس بوتين ووزير الدفاع الروسي:
ماهي التعبئة الجزئية:
وهي قيام السلطة العسكرية العليا باستدعاء قوات الاحتياط للعودة للخدمة ضمن صفوف الجيش مرة أخرى، وغالباً ما تكون في حالات الحرب، أو في حال وجود تهديد بالحرب وتوتر في الساحة الإقليمية أو الدولية.
وفي تطور لافت بمجريات الأحداث الخاصة بالحرب الروسية الأوكرانية، فقد صرّح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن بلاده في طور التعبئة الجزئية لقواتها، حيث ستستدعي 300 ألف جندي احتياط، ولوّح باستخدام الأسلحة النووية خلال العمليات في أوكرانيا، وجاء ذلك في تصريح صباح الأربعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر الحالي، وذلك عقب إعلان الرئيس فلاديمير بوتين عن التعبئة الجزئية للجيش الروسي.
وقال شويغو: سيتم استدعاء 300 ألف جندي احتياط في نطاق التعبئة الجزئية، وأضاف: كل أسلحة جيشنا بما فيها النووية ستستخدم خلال عملياتنا الخاصة في أوكرانيا، وذكر وزير الدفاع الروسي أن عدد القتلى في صفوف قوات بلاده بلغ 5 آلاف و937 جنديا خلال الحرب في أوكرانيا.
وأكد أن روسيا ستواصل نضالها من أجل تحرير جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك، وهناك مهام رئيسية محددة جاري العمل على تنفيذها، وتزامنت تصريحات وزير الدفاع الروسي مع هروب جماعي للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 – 60 عام إلى خارج البلاد عبر المعابر البرية والمطارات رافضين قرار التعبئة الجزئية وتجنيدهم للقتال ضد القوات الأوكرانية بعد الخسائر التي تكبدتها روسيا في الحرب، حيث تم اعتقال ما يقارب 1300 شخص في تظاهرات عقب إعلان بوتين قرار التعبئة الجزئية وذلك حسب ما نقلت وكالة فرانس برس.
الدعم الذي تلقته أوكرانيا في مواجهة روسيا:
وهنا حصل الفارق العسكري في المواجهة بين الجيشان بعد الدعم الأوروبي لأوكرانيا حيث وصل من الدول الغربية دعماً ضخم جداً يفوق الخيال، ففي الحالة السورية حيث تدخلت روسيا أيضاً، لو تم تقديم دعم مشابه للدعم الأوكراني إلى ثوار سوريا لانكسرت شوكة روسيا منذُ 2016 عندما شنت حملتها العسكرية في سبتمبر 2016 على مدينة حلب السورية حيث تقابل روسيا المدنيين والثوار بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة بعد فشلها بالمواجهة عند الاقتحامات البرية للمدينة بالرغم من عدم امتلاك الثوار سوى البنادق والقليل من الصواريخ قريبة المدى والتي لا تتجاوز الكيلو مترات، حينها استخدمت روسيا طائراتها الحربية والصواريخ البالستية التي أطلقتها من البحر لقتل المدنيين وتدمير النقاط الطبية والمستشفيات والبنى التحتية بالكامل في المدينة للسيطرة عليها .تتصدر الولايات المتحدة الأميركية الدول الغربية من حيث حجم الأموال والأسلحة التي تم تقديمها إلى أوكرانيا منذ بداية الحرب، إذ بلغ حجم هذه المساعدات 13.6 مليار دولار، منها ما هو عسكري ومنها ما هو إنساني. ولعل أهم دعم عسكري تتلقاه أوكرانيا من الولايات المتحدة هو حصولها على صواريخ “جافلين” المضادة للدروع، وصواريخ “ستينغر” المضادة للطائرات، وهما منظومتان للدفاع أكد الجيش الأوكراني فعاليتهما في الحرب الدائرة، وتضم أحدث حزمة من المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا “العشرات” من مدافع “هاوتزر” وهو نوع من المدفعية التي تطلق قذائف على أهداف في مسارات عالية بالإضافة إلى 144 ألف طلقة من الذخيرة المدفعية وطائرات بدون طيار تكتيكية، أما بريطانيا و التي تعد ثاني أكبر دولة من حيث الدعم العسكري والسياسي وحسب معطيات وزارة الدفاع البريطانية، فإنها قد أرسلت أكثر من 250 مليون دولار من المساعدات العسكرية في صورة أسلحة متطورة، من منظومات صواريخ ودبابات ومدرعات، وهناك حديث عن صواريخ مضادة للسفن، وأرسلت لندن 4 آلاف صاروخ مضاد للدبابات منذ بداية الحرب في 24 فبراير/شباط الماضي، من بينها صواريخ مضادة للدروع توجه عن طريق الليزر.
أوكرانيا تعلن عن خسائر عسكرية روسية فادحة:
بعيداً عن الإعلام الأوكراني، تبدو خسائر الجيش الروسي فادحة، وهو ما جعلهم يعلنون التعبئة الجزئية للجيش، حيث قال الجيش الأوكراني قبل أيام بأنه استعاد السيطرة على 3000 كيلو متر مربع من الأراضي أثناء هجوم سريع على المناطق التي احتلتها القوات الروسية في شرقي البلاد وحققت القوات الأوكرانية تقدما ملحوظا في الفترة الأخيرة بعد دخول مدينتي إزيوم وكوبيانسك .
وقال خبير عسكري إن هذه هي المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية التي تفقد فيها روسيا وحدات عسكرية كاملة وتعد إهانة كبيرة للرئيس الروسي، وهو الأمر الذي دعاه لإعلان التعبئة الجزئية.
ووفقا لوزارة الدفاع الأوكرانية وفي الإحصائية، التي لم يتم تأكيدها من مصادر مستقلة، قالت الوزارة إن الجيش الروسي خسر أكثر من 43 ألف شخص، وأكثر من 1800 دبابة، وأكثر من 4100 ناقلة مدرعة.
كما خسر الجيش الروسي وفقا للوزارة نحو 1000 مدفع، و261 نظام إطلاق صواريخ متعدد، و136 نظام دفاع جوي، و233 طائرة نفاثة و195 مروحية. وقالت الوزارة إن خسائر الجيش الروسي شملت أيضا 787 طائرة بدون طيار، و187 صاروخ كروز، و15 سفينة حربية وزورقا، وأكثر من 3 آلاف صهريج وقود، و92 معدات خاصة.
أما من ناحية الاقتصاد، فأكثر المتضررين من هذه الحرب هم طرفيها بالإضافة للاتحاد الأوروبي، أما الولايات المتحدة فتبدو من المنفعين من هذه الحرب، ويشهد تاريخ الحرب الباردة على أن الولايات المتحدة أكثر قوة من روسيا بكثير.
التعليقات مغلقة.