الإنسان وفلسفة الخلق

79

تعريف الإنسان لغة:

وهو الكائن الحي القادر على التفكير، أو هو اسم جنس لكائن لديه القدرة على التفكير والكلام والاستدلال بالعقل وتطلق كلمة إنسان لغوياً على المفرد والجمع.

يتميز الإنسان بملكة فريدة وهي قدرته على التفكير واستعمال البراهين والحجج والقدرة على النظر في الأدلة وفحص الشواهد والقدرة على التمييز بين الصواب والخطأ والقدرة على الاختيار.

تعريف الإنسان حسب قاموس كامبريدج:

يدل مفهوم الإنسان على التسميات القائمة على وصف الكائن البشري او الجنس البشري ويمكن أن يتم إطلاقه على مختلف الكائنات البشرية التي تعيش على الأرض سواءً كانوا رجال أو أطفالاً أو نساء.

لقد كرم الله تعالى الإنسان ووضع فيه من الصفات والخصائص المكونة التي تميزه عن غيره من المخلوقات ومن هذه  المكونات الفطرة والروح والعقل والجسد.

 

  1. الفطرة:

فطر الله الخلق أي خلقهم وفاطر السماوات أي مبتدعها، وعندما ننسب الخلق لله فهذا يعني أنه خلق الإنسان من عدم، على عكس نسبنا الخَلق للإنسان فإنه عند نسب خلق _صناعة_ شيء ما للإنسان ذلك لا يعني أنه لم يكن شيء،  والفطرة هي الجِبلَّة المهيّأة لقبول الحق ويقصد بالجِبلَّة الهيئة أو الحالة التي خلق الله فيها البشر وهم جاهزون لتلقي الصواب والحق حيثما وجدوه، وذكر الله تعالى لنا الفطرة في القرآن حيث قال” فأقم وجهك للدين حنيفاً، فطْرت الله التي فطر عليها الناس…الخ” من الآية الكريمة، ويقول المفسرون للآية إن الله تعالى يقول: فسدد وجهك واستمر على الذي شرعه الله لك من الحنفية ملة إبراهيم فإنه تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده وأن لا إله غيره، وقيل أيضاً في الحديث الشريف: ” إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم” ويقصد باجتالتهم أنهم كانوا مسلمين على ملة إبراهيم في الأصل لكن الشياطين أبعدتهم وأضلتهم عن دينهم، ولذلك أوصانا ديننا الحنيف بالمحافظة على سنن الفطرة والتي هي مجموعة من العادات والآداب والتصرفات التي أمر بها المشرع للحفاظ على هذه الفطرة، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه يهودانه أو يمجسانه او ينصرانه…الخ من الحديث الشريف وهذا الحديث الشريف يعطينا دلالة أخرى عن حقيقة الفطرة أي أنه لا يوجد تصور لمولود ليس على الفطرة، إلى أن يأتي دور الآباء عن طريق التربية فيعبثون بالفطرة السليمة ويغيرانها من الصواب إلى الخطأ.

الإنسان والخلق

  1. الروح:

حيث قال الله تعالى في سورة الإسراء:” ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا” ودأب الكثير من العلماء على البحث في توصيفات الروح، فقد قال الجرجاني فيها: “هي اللطيفة العالمة المدركة من الإنسان، الراكبة على الروح الحيواني نازل من عالم الأمر تعجز العقول عن إدراك كنهه وتلك الروح قد تكون كجردة وقد تكون منطبقة على البدن”. والمقصود ب كنهه أي حقيقة الروح، فهي أمر لا يدرك بالحواس ويصعب على العقول تصورها مع التسليم المطلق من الإنسان بوجودها.

وقد قال القرطبي عن الروح في تفسيره أنها أمر عظيم وشأن كبير من أمر الله تعالى، مبهماً له وتاركاً تفصيله ليعرف الانسان على القطع عجزه عن علم حقيقة نفسه مع العلم بوجودها، والحكمة الربانية هنا هي تعجيز العقول عن إدراك معرفة مخلوق مجاور له دلالة على أنه عن إدراك خالقه أعجز.

إن الروح من خصوصيات الله تعالى فلن يطلع أحداً على سرها وسيبقى علم الإنسان قاصرا عن إدراك الحقيقة.

  1. العقل:

يقصد بالعقل أنه مجموعة من القدرات المتعلقة بالإدراك والتقييم والتذكر وأخذ القرارات، ويعرف الإدراك على أنه القدرة على التمييز بين المسائل الصالحة والفاسدة أما التذكر فهو استدعاء الأفكار والاحداث والصور الدالة على حدث معين وهو ينعكس في بعض الحالات على الأحاسيس والتصورات والعواطف والذاكرة والرغبات والدوافع واللاوعي بالإضافة عن التعبير عن السمات الخاصة بالشخصية.

الإنسان ومكوناته في الخلق

  1. الجسد:

وهو الوعاء المادي الذي يشمل المكونات الإنسانية، ووجب على الإنسان الحفاظ عليه مما يؤذيه لأنه بقاء باقي مكونات الإنسان مرتبط ببقائه.

جسد الإنسان

قصة الحي بن يقظان:

 

هي قصة فلسفية تخيلية كتبها الفيلسوف العربي “ابن طفيل” عالج فيها الكاتب موضوع الفطرة السليمة وتأثيرها على قرارات الإنسان ومَلَكَات الإبداع لديه، و تدور أحداثها حول طفل صغير يتم وضعه في قارب في البحر ليصل إلى جزيرة معزولة لا بشر فيها فتتبناه غزالة فترضعه ويعيش في الجزيرة عيشة البهائم، وبعد أن كبر وبدأ يحس بما حوله أدرك أنه يجب أن يغطي عورته فقام بصنع الملابس والأحذية من جلود الحيوانات وأوراق الشجر عندما  كبر أكثر بدأ بدراسة أجساد الحيوانات وقام بتشريح أجسادها ومن ثم كعادة كل البشر الذين ترشدهم الفطرة لمحاولة فهم بعيدات الأمور عنهم والتفكر فيها بدأ بالنظر للسماء وحاول معرفة ماهية النجوم والقمر ومعرفة أسباب أفول الشمس وطلوعها، ثم انتقل لدراسة علوم الفلسفة والخلق دون معرفته باسمها فبقي عاملاً على التأمل في الخليقة والأرض والسماء حتى توصل لوجود قوة تتحكم في كل شيء وأفضى بحثه وتأمله لنتيجة يقينية أن هناك خالق وإله هو المسؤول عن هذا الكون، وعكف على عبادته لوحده إلى حين مماته.

من أكثر الفلاسفة تأثراً بقصة ابن طفيل هو الفيلسوف الإنجليزي ” جون لوك”، والذي اعتمد على قصة الحي بن يقظان في كتابه الشهير الذي تحدث فيه عن العقل.

التعليقات مغلقة.