الأمن الغذائي العربي

13

تعريف الأمن الغذائي

يعرف الأمن الغذائي بأنه:

تأمين احتياجات الأفراد الذين يسكنون في حيز جغرافي معين، ويخضعون لسلطة معينة، من الغذاء وبكمية مناسبة غير منقطعة. دأبت الدول بشكلها الحديث الذي تبلور منذ نهاية القرن الثامن عشر وحتى يومنا هذا على تأمين الغذاء لشعبها عبر تنمية الزراعة، والوصول للاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء، ويعرف الاكتفاء الذاتي بأنه:” القدرة على تحقيق الاعتماد الكامل على النفس، وعلى الموارد والامكانيات الذاتية في إنتاج كل احتياجات المجتمع الغذائية محلياً.

الأمن الغذائي تاريخياً

لقد كان الغذاء هو الهاجس الأساسي للإنسان منذ أن عاش على هذه الأرض، وكان على مر الأزمنة هو سبب أساسي من أسباب الحروب، فقد كانت الممالك والدول القوية تسعى للسيطرة على الأراضي الخصبة وتتوسع على حساب جيرانها لتصل لمرحلة من الاكتفاء من ناحية تأمين الغذاء لشعبها، وكان الغذاء هو العامل الفارق في مسيرة بعض الأمم، فلقد اندثرت الكثير من الحضارات بسبب شح الموارد الغذائية.

الأمن الغذائي العربي
الأمن الغذائي تاريخياً

وذكر التاريخ الكثير من المجاعات التي أودت بحضارات كاملة، ولذلك تنبه الإنسان منذ قدم التاريخ لأهمية هذا الموضوع، فتوجه للسهول والمناطق الخصبة التي يمكن زراعتها، وقامت الحضارات على وديان الأنهار كوادي دجلة والفرات والنيل، وذلك رغبةً من أصحابها ليستفيدوا من الماء ومن خصوبة الأرض حولها، بل إن العديد من الحضارات التي سكنت الجبال، قامت بتطويع البيئة الجبلية، واستصلحت ما يمكن استصلاحه من أرضها وزرعتها وحصلت منها المنتوجات الغذائية اللازمة لاستمرار بقائها، ومن هنا نلاحظ أن العلاقة بين ازدهار الزراعة وتأمين الغذاء هي علاقة طردية قائمة بحد ذاتها، وقد قامت حروب دموية عبر التاريخ للسيطرة على مناطق الزراعة الخصبة.

ما هو مؤشر الغذاء العالمي

هو مؤشر يتألف من 171 دولة، ويقوم بقياس مستوى الأمن الغذائي في غالبية دول العالم، ويشرف عليه وعلى تقاريره العديد من المجلات الاقتصادية العالمية مثل الايكونوميست، وغيرها العديد من المجلات الأخرى. يتم الاعتماد في تقرير جودة المؤشر الغذائي لأي دولة على العديد من المعايير ومنها على سبيل المثال لا الحصر: القدرة في إمكانية إيصال الغذاء لمحتاجيه، وكذلك استعدادات الدول لمخاطر الأزمات، وكذلك تقييم مرونة اقتصاد الدولة.

ترتيب الدول في الأمن الغذائي

سنتطرق هنا إلى ترتيب الدول العربية حسب المؤشر العالمي للعام 2021م، فقد حلت الإمارات بالمرتبة الأولى عربياً وفي المرتبة السادسة والعشرين عالمياً، تليها قطر في المرتبة الثانية عربياً والتاسعة والعشرين عالمياً، ثم البحرين وعمان والجزائر والسعودية والكويت فالمغرب وتونس، وفي المركز العاشر عربياً نجد الأردن. وعند التطرق إلى مسألة الأمن الغذائي والتغذية في الوطن العربي نجد أن غالبية الدول بحالة جيدة باستثناء المناطق التي تشهد نزاعات كسوريا، والجدير بالذكر أن السياسات الاقتصادية الزراعية شهدت نمواً واهتماماً أكثر بعد جائحة كورونا.

تحديات الأمن الغذائي العربي

في العام 2008م، حصلت الأزمة المالية العالمية، هذه الأزمة التي سببت موجة تضخم فيما بعدها، ونتيجة هذا التضخم ازداد عدد البشر الذين أصبحوا خارج الأمان الغذائي، وهذا الموضوع جعل الدول حول العالم تولي الزراعة أهمية كبرى، وعادت هذه الدول لدعم وتشجيع الاستثمار الزراعي والذي طغت عليه الصناعة في يوم من الأيام، وكان خير دليل على ذلك هي الولايات المتحدة الأمريكية، والتي بدأت بإيلاء الاستثمار الزراعي أهمية كبرى، وطورت المواد المساعدة للزراعة، وكذلك قامت العديد من الدول في منطقتنا العربية كالمملكة العربية السعودية بالاستثمار في المشروعات الزراعية في دول حول العالم كالسودان وفي دول في آسيا الوسطى.

كل ما ذكر سابقاً لم يكن إلا مقدمات بسيطة عن الرعب الذي أصاب العالم خوفاً على أمنه الغذائي بعد أن اجتاح فايروس كورونا العالم مع نهاية العام 2019، فقد توقفت حركة الملاحة البحرية والشحن الجوي في غالبية دول العالم، وأصاب الجمود معظم الأنشطة العالمية الزراعية والصناعية بسبب الإغلاقات المفروضة من الدول، وتقريباً أصبحت كل دولة معزولة عما حولها وكأنها في كوكب لوحدها، فلم يعد هناك واردات من خارج الحدود وقامت كل دولة بالاحتفاظ بمخزوناتها من الغذاء تلبية للطلب الحاصل في أسواقها المحلية، وشعرت معظم الدول المستوردة وخصوصاً دولنا العربية بصعوبة المشكلة وأنه يجب الاتجاه تجاه تحقيق نمط من الاكتفاء الذاتي الغذائي.

وغير ذي بعيد عن وقتنا هذا، ولأن العقد الثاني من هذا القرن هو عقد المفاجآت، فقد اندلعت في منصف شهر مارس من العام2022 حرباً بين روسيا وأوكرانيا، وعند نذكر هذين البلدين فإننا نعني أن لهم نصيب الأسد في سوق القمح العالمي واستمرار الحرب بينهما سيؤدي لمأزق غذائي كبير وخصوصاً في البلدان التي تعتمد بشكل كلي على الاستيراد منهما كمصر ولبنان، وهنا علينا أن نقف عند نقطة مهينة وهي: كيف يمكن للدول العربية القيام بتأمين وسائل وبنية لوجستية تساعد على ازدهار الزراعة فيها والوصول لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي فيه.

التعليقات مغلقة.