أسرى الحرب وحقوقهم من منظور إسلامي

37

تعريف  أسرى الحرب

هم المقاتلون الذين يقعون في يد الخصم أثناء الحروب والنزاعات.

أحكام أسرى الحرب في الإسلام:

 

حقوق أسرى الحرب

كان الإسلام قد أنزل في تشريعاته وقوانينه المتصلة بالحرب ومجرياتها تفصيلات حول معاملة الأسرى، فقد حفظ الإسلام للإنسان كرامته في الحروب كما حفظها في السلم، وانطلاقاً من ذلك فقد أوصى الإسلام بمعاملة الأسرى برفق، وقد ورد العديد من النصوص القرآنية والسُّنة النبوية التي أوصت جيوش المسلمين بالحرب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالأسارى خيراً).

الأسرى في غزوة بدر:

ومن أجل ذلك كان الصحابة في يوم بدر قد عاملوا الأسرى برفق فقدموهم على أنفسهم في الطعام، وقدموا لهم العلاج والطبابة من جروحهم، كما أن الإسلام حرص على عدم قتل الأسرى، وبدلاً من ذلك فقد نصّت الشريعة القرآنية على أمرين يخص الأسرى، الأول أن يمن قائد المسلمين على الأسرى بالحرية، أو تقديم الفدية بالمال أو النفس، وتفسير ذلك أن يفتدى الأسرى بمال، أو بأسرى مثلهم من المسلمين، وهو ما يقارن في الوقت الحاضر بمفهوم تبادل الأسرى في نصوص القانون الدولي الإنساني المعاصر.

النهي القرآني عن استرقاق أسرى الحرب:

مع وجود نص صريح في القرآن الكريم بمنع الرق، لذلك فإن الأمر الذي جاء به الإسلام فيما يتعلق بالأسرى هو إطلاق سراحهم أو فدائهم، لكن مقابل ذلك لم ينص الحديث الشريف عن وجود منع للاسترقاق ومع ذلك لم تحدث أي حادثة  في زمن النبوة بأن استرقق أحداً من الأسرى، بل حثّ الصحابة على معاملة الأسرى معاملة كريمة وأوصاهم بإكرامهم. وفي الحوادث في زمن النبوة تأتي حادثة جويرية بنت الحارث التي أُسرت في غزوة بني المصطلق، وهي حادثة تصرّح بعدم جواز الاسترقاق، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد استنكر أن ينشأ قومه على أن تكون في حروبهم اعتماد الاسترقاق، بل كان يحثهم على العتق خاصةً من جرى عليه الرق من قبل، وكان يشجع على العتق حتى مع الأسرى.

التشابه بين القوانين الإسلامية والدولية المعاصرة بخصوص أسرى الحرب:

 

حقوق أسرى الحرب

وبالمقارنة بما ورد في نصوص القانون الدولي الإنساني المعاصر مع جاء فيه الإسلام من قوانين متعلقة بأسرى الحرب، فإن تلك القوانين مشابهة إلى حد كبير ما جاء في الشريعة الإسلامية من معاملة إنسانية لأسرى الحرب، ولا ينطبق مفهوم أسير الحرب في حالة النزاع المسلح الدولي فقط، وعادةً ما يكونون أفراداً تابعين إلى القوات المسلحة التابعين لأحد أطراف النزاع ممن يقعون في قبضة العدو.

اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب:

اتفاقية جنيف وأسرى الحرب

 

وقد بيّنت اتفاقية جنيف الصادرة في عام 1949م حقوق الأسرى والموجب إتباعها من قبل أطراف النزاع، فأوجب القانون الدولي الإنساني المعاصر معاملة أسرى الحرب بطريقة إنسانية في كافة الأحوال، وحمايتهم من كافة أعمال العنف والترهيب والشتائم، كما تضمن القانون الدولي الإنساني المعاصر شروط الاحتجاز لأسرى الحرب، على سبيل المثال حدد المسائل المتعلقة بمكان الاحتجاز والغذاء والملبس والنظافة والرعاية الطبية.

تجريم القتل والتعذيب لأسرى الحرب في القانون الدولي:

كما أن القوانين الدولية لا تسمح بقتل أسرى الحرب، كما أنها تجرّم ممارسة التعذيب، كما نصّت القوانين الدولية على حقوق الأسرى منها الحق في المعاملة الإنسانية والحق باحترام الشخصية والشرف، والحق بتلقي الرعاية الصحية والطبية، كما أن القانون الدولي الإنساني على نصوص تتعلق بالإفراج عن الأسرى مقابل تعهد منهم بعدم الانضمام إلى القتال مرة أخرى، كما يجوز الإفراج عن الأسرى لاعتبارات صحية، ويسمح القانون الدولي الإنساني بالإفراج النهائي عند انتهاء الأعمال القتالية بين طرفي النزاع، وفي الوقت نفسه ينص على انتهاء الأسر عن طريق تبادل الأسرى بين طرفي النزاع خلال فترة الحروب.

الخلاصة:

وبالنظر إلى ما ورد في الشريعة الإسلامية من معاملة الأسرى ومقارنتها بمعاملة الأسرى في نصوص القانون الدولي الإنساني المعاصر، نلاحظ التقارب في الكثير من المسائل المتعلقة بالتعامل الإنساني مع الأسرى وطريقة ومكان أسرهم، وتلقيهم الرعاية الصحية، كما نلاحظ الشبه ما بين طريقة إطلاق سراح الأسرى من خلال عملية تبادل الأسرى في التاريخ الإسلامي والتاريخ المعاصر وفق نصوص القانون الدولي الإنساني المعاصر، وتثبت المصادر التاريخية الإسلامية وغير الإسلامية المحايدة التعامل الراقي للمسلمين مع الأسرى خلال فترات الحروب والنزاعات.

التعليقات مغلقة.