ما معنى مخضرم:
مخضرم بفتح الراء هو مفرد مخضرمين/مخضرمون، وهو لفظ يطلق على الشعراء الذين عاشوا زمناً من عمرهم في الجاهلية، ثم أدركوا بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأسلموا. وتوسع اللفظ فيما بعد ليطلق على العديد من الصحابة والتابعين.
من هم الشعراء المخضرمين:
كان الإسلام قد دخل فيه الكثير من الناس خاصةً بعد أن أعلن الدعوة بشكل علني، وكان من ضمن من دخلوا فيه طائفة من الشعراء الذين كان لهم صولة وجولة في الأدب الجاهلي، وأطلق عليهم فيما بعد الشعراء المخضرمون، وهم الشعراء الذين عاشوا فترة أو جزءاً من أعمارهم في الجاهلية وأدركهم الإسلام فدخلوا به، وأصبحوا مدافعين عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الإسلام في شعرهم، ومن الشعراء المخضرمين: الخنساء ولبيد بن ربيعة والحُطيئة وقيس بن عبد الله العامري، ولكن أشهر هؤلاء الشعراء حسان بن ثابت رضي الله عنه.
دور حسان بن ثابت في الإسلام:
ويعود أهمية حسّان بن ثابت إلى أنه كان من أبرز الشعراء ممن رفعوا راية النضال والجهاد بالقول ضد المشركين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتمد عليه في الدفاع عنه وعن الإسلام أمام ما كان يواجهه من المشركين من أقاويل، ويبرز دور حسّان بن ثابت في الإسلام بشكل واضح خاصةً وأنه كان حاضراً في كل مناسبة إسلامية، كما كان دعم الرسول صلى الله عليه وسلم لهم في قوله خاصةً في حديثه “هو ديوان العرب”، دوراً بارزاً في انضواء الشعراء المخضرمين تحت لواء الإسلام والدفاع عنه أمام سهام شعر الشعراء المشركين، وعلى الرغم من أن القرآن الكريم قد أنزل على أمة كانت تتمتع بالبلاغة وحسن القول إلا أنه كان مواجهاً لقول الجاهليين بأن قول النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو شعر، بل أكد في أكثر من موضع أنه كلام منزل من عند الله دحضاً لادعاءاتهم.
أثر الإسلام على الشعراء المخضرمين:
ومما لا شك فيه أن الدعوة الإسلامية كان لها الأثر الكبير في تغيير منحى وتوجه الشعراء المخضرمين عمّا كان عليه أمرهم في زمن الجاهلية، خاصةً وأن القرآن الكريم يعد مفخرة العرب في لغتهم، حيث لم يتح لأي أمة من الأمم كتاب مثله من حيث البلاغة والتأثير في النفوس والقلوب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يمضي في تلاوته حتى يستحوذ على قلوب سامعيه، سواء كانوا من أنصاره أم من أعدائه، وللقرآن فضلٌ على اللغة العربية لم يستطع أي كتاب أن يصل إلى ما وصل إليه من تأثير، وكان من تأثير القرآن أنه جمع العرب على لهجة قريش، هذه اللهجة التي كان يستخدمها الشعراء حسب بعدهم عن مكة، وهو ما جعل الشعراء يميلون بعد أن دخلوا الإسلام إلى استخدام لهجة قريش بشكل أكبر مما كان عليه سابقاً، كما أن الإسلام كان له الأثر الواضح على شعر المخضرمين حيث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إتخذ جماعةً من الشعراء ليكونوا نداً لما يوجهه المشركون له وللإسلام من انتقاص، ومن بين هؤلاء الشعراء حسّان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك، وتحول شعرهم إلى نطاق الفضائل وحسن الأخلاق والتركيز على محاسن الإسلام والرد على كل الشبهات التي كان يضيفيها شعراء المشركين على الإسلام.
أثر الإسلام على شعر المخضرمين:
إلى جانب ذلك كان الإسلام له أثر على اللغة في قول الشعراء حيث أنها أصبحت أكثر سهولة بالقياس إلى ألفاظ الجاهلية، وهذّب لغة الشعراء وأبعدهم عن الألفاظ الموحشة والغريبة، وكان ذلك من تأثير القرآن الكريم عليهم، كما برزت مسألة غاية في الأهمية في شعر المخضرمين وهي محاكاة الشعراء لعبارات القرآن في ألفاظه وأساليبه واقتباساتهم من آياته فيما يقولون واستشهادهم بها في وعظهم ومحاوراتهم وجدالاتهم مع المشركين، كما اعتمد الشعراء المخضرمون على صور البيان والأساليب البديعية المستقاة من القرآن الكريم وطبقوها في شعرهم، وكان له أثر بارز في معاني الألفاظ في شعرهم، كما ترك الإسلام أثراً جلياً من ناحية ترك المبالغة في القول والابتعاد عن الفحش والتزام الصدق والأخلاق في معاني الإسلامي، كما أنهم تأثروا بالإسلام في الأغراض الشعرية التي أصبح لها مآلات أخرى أقرب ما تكون إلى نبذ القبلية والتركيز على وحدة الإسلام والمسلمين في قصائد الشعراء المخضرمين، والدعوة إلى الإسلام وتوجيه الخطاب إلى عامة الناس من المشركين.
التعليقات مغلقة.