سرقة مُبلَّلة بِحُلم

7

في الصِّغر، والداي يدفعاني للصلاةِ في المسجد، لملء رصيد الحسنات وربما لأسبابٍ أخرى أجهلها وقتها!
مُرتدياً أسمالاً مُتبَرمة وحذاءً بلاستيكي.
أنا الصَّغير، أدفعُ جثتي في أزقة العاطلين عن الحياة، متجاوزاً مسجد الحي.
أحثُ خُطاي لأصل إلى مسجد الحي الآخر، حيث المسجد كبير وفيه الكثير من مظاهر البذخ والجمال.
أجلس حيث خزائن الأحذية، حرجاً من فوارق الهيئة.

تجحظ عيناي إزاء هذه الأحذية.
أحلُم بارتداء ما يعجبني منها، واحد للعب، وآخر للمدرسة، بدلاً من حذائي البلاستيكي الذي يظلُّ يحزّ ويحفرُ لحم قدميّ.
أملأ جيوب خيالي بهذه الأحلام، ناسياً رصيد الحسنات المشغولَ به جموع المصلين الصالحين!
أصحو من غمرة الخيال على نداء الصلاة بعد انتهاء خطبة الأمام، والتي لم أدرِ عن ماذا كانت!

يُثقلني السير للصفوف الأحذية العالقة في جيوب أمنياتي، أصل الصف الأخير، أؤدي حركات الصلاة.
تنتهي الصلاة، أعدو ركضًا صوب الخزن بعد إفراغ جيوب الأمنيات. آخذ حذائي، أسرقُ آخر، جميلاً، مع تقدير المقاس، لونه: أبيض، موشح بخطوط بزرقاء.
أفرُّ فرحاً بسرقتي، أشعر كأنّ الحذاء وهبني جناحين.
بعد الإطمئنان من أنّ أحداً لم يلحق بي، أتوقف. أخلع البلاستيكي، أتأبطه وأرتدي صيدي.
أجده مناسباً، طري، مريح، خفيف، أقفز به، أرقص، أركل الفراغ وكأنه كرة.
أتابع الركض به صوب البيت، خفّة لاتوصف، أسابق الريح، وقبل الوصول، أخلعه ويُخلع معه قطعة من قلبي الصغير!
أحشره في وسطي، تحت الحبل الذي كنتُ أستخدمه كحزام، أتأكد من عدم ظهوره تحت ملابسي الفضفاضة.
ألجُ البيت ولا أحد ينتبه، أهرع للسطح، أخبئه خلف خزان الماء لأعود له في أوقات أخرى أتمرن به على الطفولة المُعلّقة

التعليقات مغلقة.