العولمة والأديان؛ 4 تحديات تواجه الدين في ظل العولمة
المقدمة:
إن ظاهرة العولمة معروفة في عصرنا هذا أنها مرتبطة ارتباطاً جذرياً بالعلاقات الاقتصادية بين دول العالم، وأنها ظاهرة قد جعلت العالم قرية صغيرة، يستطيع الأشخاص التواصل بأسرع طريقة وأقل تكلفة ممكنة، لكنه ليس من المعروف لدى الكثيرين أن ظاهرة العولمة قد وصلت إلى الأديان وبدأت تنخر فيها، وتحاول بكل الطرق إزاحتها من أمامها لأنها تشكل عائقاً اجتماعياً وثقافياً في طريقها، ومن هنا تأتي أهمية هذه المقالة، حيث سنحاول فيها بتبيان علاقة العولمة بالأديان وما هي تأثيراتها على الأديان.
1.تعريف العولمة:
هناك تعريفات كثيرة لظاهرة العولمة فكل باحث نظر إليها من زاوية مختلفة عن الآخر، وكلٌ بحسب مجال تخصصه العلمي، ونورد فيما يلي بعض تعريفات لمفهوم العولمة.
فقد رأى بعضهم أن العولمة يقصد به الغطاء النظري أو الفلسفة النظرية لاقتصاد السوق، لمجموعة الدول الصناعية والشركات متعددة الجنسيات، بهدف فتح الأسواق العالمية أمام الصناعات الغربية، بحجدة المنافسة والانفتاح ولتشجيع الدول الأقل نمواً اقتصادياً.
ورأى البعض الآخر أن العولمة عبارة عن اتجاه تاريخي لانكماش العالم وزيادة وعي الأفراد والمجتمعات بهذا الانكماش. [1]
وتشير العولمة كمفهوم إلى ضغط العالم وتصغيره من ناحية، وتركيز الوعي به ككل من ناحية أخرى.
وهناك من نظر إليها أنها مرحلة جديدة تكثف فيها العلاقات الاجتماعية على الصعيد العالمي، ويحدث تلاحم غير قابل للفصل بين المحلي والعالمي بروابط ثقافية واقتصادية وسياسية وإنسانية.
اقرأ أيضاً: مفهوم العولمة، العولمة الاقتصادية والتغير الثقافي
وهناك آخرون نظروا لها على أنها اغتصاب ثقافي وعدوان رمزي على سائر الثقافات، وسيطرة الثقافية الغربية على سائر الثقافات، عن طريق استثمار مكتسبات العلوم والتقنية في ميدان الاتصال. [2]
2. العولمة وعلاقتها بالأديان:
من يعتقد أن العولمة التي نعيشها اليوم هي ظاهرة خرجت نتيجة التداعيات السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية التي عصفت بالعالم الحديث فهو مخطئ، فقد بدأت ظاهرة العولمة بالظهور منذ أواخر القرن الماضي، وأصبح العالم من غير حدود تحكمه، وقد رآه الكثيرون أن العالم قد أصبح قرية صغيرة أصبح التواصل بين جوانبه سهل بفضل تكنولوجيا الاتصالات وثورة المعلومات، وتعدد وسائل الإعلام الفضائي التي غزت العالم وحلّت محل وسائل الإعلام التقليدية، وكان الهدف من ذلك إيجاد الحلول للمشاكل المتنوعة، وكان للعنصر الديني له مكانة متقدمة في العديد من تلك المشاكل، مما أوجب التعاطي معها بروح المسؤولية والجدية لثلاثة أسباب:
الأول: لأن الكثير من المواجهات السياسية وأعمال العنف أصبحت تحدث باسم الدين، مما جعل السياسة تختلط مع الدين، وأصبح العنف مرتبطاً في كثير من الأحيان بالدين، وشجع على ذلك أن الدول العظمى قد أوجدت المناخ المناسب لذلك عبر نشر العولمة الثقافية في العالم أجمع.
الثاني: ازدياد الصراع ذات الغطاء الديني والمذهبي والفئوي.
الثالث: إن المؤسسات الدينية قد شعرت بالخطر الذي يشكله التحدي الفكري والوجودي لها تحت مسميات العولمة والحداثة والعلمنة.
وظهرت مشكلة التنوع الديني في عصر العولمة، وأصبح لها نتائج متمثلة في الصراع الديني وصراع الحضارات بين الإسلام والغرب، وكان للعولمة وتكنولوجيا المعلومات نصيب كبير من إيجاد هذا المناخ وتزويده بما يلزم لـتأجيجه، كما أنها شجعت على إيجاد صراعات بين الأديان الأخرى، وأثرت في مركز العلاقات الدولية بشكل واضح، ووفرت معلومات كمية غير مسبوقة من المصادر الأولية والثانوية عن الأديان وتعاليم الحضارات الإنسانية، وقد ظن البعض بشكل متعجل وزائف ممن غُشوا بالعولمة أن توفر هذه المعلومات يجعل إمكانية بروز لغة روحانية تعبر للأديان كافة، وفي المقابل نجد عدداً من الهويات الثقافية المعاصرة قد ترسبت حول مفاهيم دينية محددة، وفي بعض الأحيان تحيزت لهذا الرأي عبر حركات غير متسامحة تقصي الغير بصورة متشددة.
3. التحديات التي تواجه الأديان في هذا العصر:
من أهم التحديات التي تواجه الأديان في عصر العولمة أن الإنسان قد خلق عالماً افتراضياً قائماً على نسيان الخالق، وهذا العالم الذي هو من صنع الإنسان قد أوجد طبيعة عذراء هو من يتحكم بها بواسطة تكنولوجيا تتمحور في تحويل العالم الطبيعي إلى أرقام، وبالتالي قد أجد طبقات وأماكن وأشكال وهمية يعيش بها الإنسان دون أن يحتاج لحاجة روحانية تصله بالخالق، وخلق مثل هذا العالم يجعل جوهر الدين مسلوباً من الحياة اليومية بشكل حقيقي، وخاصة من يعيشون في بيئة عمرانية منقطعة بشكل كامل عن العالم الطبيعي، ذلك العالم الذي يظهر حقائق الدين في شكل طبيعي لمن يستطيع أن يبصر إن هذا يكتمل بسيطرة النموذج الحديث والذي يطلق عليه عالم ما بعد الحداثة على العالم الحديث وما بعد الحديث، أي بمعنى أن هناك رؤية لتكلم العالم عن إله غير ديني يكون هو أصل الأشياء.
ويكمن التحدي للدين برؤية العالم يصور كل شيء فيها ضمن شكل مادي مغلق مستقل عن التعالي، وهذه الفكرة والرؤية للعالم قد أوجدت في أوروبا في عصر النهضة والقرن السابع عشر، وتبلورت تلك الفكرة خلال عصر التنوير، وهذه الرؤية تشكل علاقة تصبغها العداء مع كل الديانات السماوية لأنها تقوم على الاكتفاء عن العالم المادي والطبيعي، وهي رافضة للاتكال الإنثولوجي للعالم الطبيعي الذي نعيش فيه على المبدأ الإلهي، وهي تعتبر المبدأ الديني واستقلاليته الإنطولوجية غير مهمين في حياة الإنسان اليومية ولو قبلت بهما بالظاهر.
4.صراع العولمة مع الأديان:
إن الإشكالية في الصراع القائم بين أنظمة الاستبداد والشعوب، أو بين الدولة والأمة والتي هي أشد الصراعات ضراوة تلك التي تتركز حول قضية العقيدة، ومحاولة إقصائها وفصلها عن الحياة، لأنها تشكل القوة الدافعة للنمو وسبيل الإحياء الروحاني للمجتمعات، وهي التي تشكل القوة المانعة من سقوط تلك العقيدة وذوبانها في الآخر، وبخاصة تلك التي تمس الأديان لأنها تشكل رؤية شاملة تتمحور حول الإنسان والكون والحياة، وإن الالتزام بالأديان السماوية يحقق التحصين الكامل ويمنعها من الاختراق، لذا نجد أن المعارك المختلفة الأشكال والأنواع إنما تدور رحاها حول العقيدة بشكل أو بآخر.
وقد بدأ الصراع بين الأديان والعولمة منذ محاولات تأهيل الشعوب للهيمنة وصنع القابلية للعولمة للسيطرة الثقافية الوافدة والنظام الاقتصادي والنمط الثقافي الواحد بما في ذلك إلغاء الخصوصيات قد بدأ منذ إبعاد الحياة عن الدي، وتشكيل المجتمع البعيد عنه، وفصل الدين عن الدولة، وما أطلق عليه مصطلح العلمانية التي يمكن اعتبارها طريق العلمنة الرئيسية الموصلة للعولمة.
فالعقيدة يمثل أعلى درجة من درجات الحرية، وتعترف بالتنوع، وترتقي بالإنسان لتحقيق كرامته، وهذا التحقيق لا يمكن أن يتحقق سوى بالحرية والحوار، لذا فإن فطرة الدين مترسخة في النفس البشرية وهي قديمة قدم الإنسان، لهذا وجدت حضارات من غير مصانع ومعامل ومراكز تعليم لكنها وجدت معابد، لذا لا شك أن من يمتلك المعلومة والتقنية المتقدمة ووسائل الإعلام والاتصال التي أصبحت أقرب لما من حواسنا قادر على امتلاك حركة العالم والسيطرة عليه، وهو الذي سوف يقود قطار العولمة ويمر بها في أنحاء العالم دون أن يجد رادع له.
5. العولمة والمجتمعات الدينية:
إن الدين هو مرجع ثابت نسبياً لكل من يتبعه ويؤكد على ذلك التاريخ والواقع والعلم بعد التجربة، وهو النكون الأساسي للثقافات ومؤسسها والذي يحافظ عليها، ولا تكون الثقافة سوى تعبيراً عن الدين وتجسده في إطار اجتماعي أو فردي، محلي أو عالمي، وأي حديث عن الثقافة يجب أن يتناول حديثاً عن الدين، وتختلف قوة هذه الإشارة حسب مكانة الدين ووظيفته في الثقافة المعنية في المجتمع.
والعولمة تسعى بدورها إلى نشر ثقافة عالمية، وتحاول أن تقضي على الثقافات المحلية، وتقلص دورها على المستوى الكوني، وهذا يمس بصورة جوهرية الدين، وحتى في المجتمعات غير الدينية فإن دراسة ثقافتها لا يتم إلا بدراسة دينها، ويعود ذلك لضرورة الاهتمام بالدين لأجل نجاح اهتمامنا بالثقافات.
وهناك أديان لم تنحصر في إطار جغرافي ضيق محدد، بل كانت عالمية منذ اللحظة الأولى كالإسلام، أو كانت عالمية في وقت مبكر من تاريخها كالمسيحية، وهذه الأديان تمارس نفوذها على المستوى العالمي، والإطار العولمي ليس جديداً بالنسبة لها، لكن العولمة المعاصرة جاءت بأبعاد جديدة اقتصادية وتجاريو وسياسية وثقافية ومعرفية في أشكال متنوعة تضمن داخلها حيثيات فكرية واجتماعية مختلفة، وهذا مما اضطر الأديان أن تنظر إلى المتغيرات المحيطة بها والضاغطة عليها وابتداع صور توافقية أو تصحيحية تجاهها، ونظراً لخريطة الأديان الاجتماعية والثقافية المعاصرة تظهر لنا اختراقات عولمية تتم في كثير من الأحيان من خلال قنوت داخلية ظهرت بأسماء الاجتهاد وحرية التفكير وحقوق الإنسان ومحاربة الجمود، وهذه القنوات تتمتع بقوة كبيرة على الانتشار والتأثير واللذان يؤثران في مناعة قاعدة عريضة من ابتاعه، وهي مناعة تنبثق من المناعة الذاتية التي يمتلكها الدين ذاته وتعتمد عليها. [3]
أما في المجتمعات التي حافظت على مكانة الدين وموقعه في خريطة فكرها وثقافتها فلم تجد مشكلة في التسارع والتكيف مع موجبات العولمة بنفس الطريقة التي أرادتها العولمة، وهذا بسبب افتقار تلك المجتمعات للمناعة الذاتية التي تعينها على الصمود والثبات في وجه المتغيرات التي فرضتها العولمة.
6. تأثيرات العولمة على الأديان:
تركت العولمة أثرها الإيجابي والسلبي على تناول الإنسان المعاصر للدين ونظرته إليه وغيرت منهجه لدراسة الدين، وفيما يلي أبرز مظاهر هذا التأثير، وتتلخص ب:
1.ظهور مصطلحات السوق في عالم الأديان:
طغت مصطلحات “السوق” على دراسة الأديان مما أنتج نظرة للدين على أنه سلعة تنتج وتستهلك، وأصبح الدين إنتاجاً مشتركاً واستهلاكاً عالمياً، وهذا ما بدى عليه من ناحية منطقة مع استخدام هذه المصطلحات في تناول الدين وقضاياه في الكتابات المعاصرة، ومن بين تلك المصطلحات التي ظهرت في الكتابات المعاصرة والتي تدل على تأثير العولمة على الدراسات الدينية المعاصرة أو الدالة على تناول الدين المعاصر: سوبرماركت الأديان، خصخصة الدين، تصدير الدين، إنتاج الدين، تسويق الدين.
إلا أننا لا نجد هذه المصطلحات سوى في الكتابات الغربية التي توظفها لغايتها، ويكمن خطر هذه المصطلحات وتأثيراتها المؤكدة كونها غريبة الأصل، وما يتمتع به الغرب ومنتجه الفكري من مكانة في نفوس كثير من الناس في الشرق عموماً، وهذا ما يجعل تلك المصطلحات تجد سوقاً رائجاً في العالم.
والهجمة التي تشنها العولمة على الأديان تلزم نسيان الأصول وهجر الجذور إذا كانت لا تساعد على التوافق مع مقتضيات السوق ورغبة المستهلك، فالمستهلك يطلب ديناً منفتحاً على العالم، يكون حاضناً لكل البشر ولا يفرض على أحد منهم منهجاً معيناً، ويحترم حريتهم ويقدم لهم خيارات متنوعة داخل الدين الواحد مع أنه قد يكون مصطدماً مع الأصول الدينية، ويناقض قواعده، وبحسب مصطلح السوق يفرض على الدين أن يجدد نفسه وأن يحدث بضاعته ويغير شكله ويدخل في المنافسة من جديد، فالدين قد أصبح بضاعة ولو أعرض عنها المستهلك فيجب تغيير البضاعة.
2. رفض المقدس في الأديان:
وقد درج علماء الأديان منذ العصر الحديث في الخوض بجانبين مهمين في الدين، سواء كان سماوياً أوغير سماوي، وهذان الجانبان هما المقدس واللا مقدس [4] ، أو الطبيعي وما فوق الطبيعي، وكانوا يقصدون بالمقدس تلك الأمور التي نجدها في الأديان المستعصية على الفهم العلمي، ومن ينظر في الكتابات المعاصرة نجد أن هذا المقدس يضرب به عرض الحائط من خلال تغيير المضمون، لكن بقي مفهوم الإله مركزياً في جميع الأديان، وتعني مركزيته أن كل ما هو ديني يرتبط به سواء من خلال الصدور عنه وحياً أو استناداً إلى ذلك الوحي، أو عدم معارضته على أقل تقدير، وتفصيل ذلك أن الإله في الأصل هو مصدر العقائد.
وفي عصر العولمة أصبح الإله رمزاً بعيداً عن منطلق الخلق والأمر، وأصبح الوحي نصاً يخضع لقراءة يحكمها الواقع البشري، وهنا انقلب الدين من موجه لحياة الإنسان إلى منتج بشري يتطور مع تطور الإنسان، ويعبر عن طبيعة رؤيته وهوية ثقافته، ومظاهر اهتماماته وتوجهاته، وأصبح الإنسان هو من يخلق الدين، مما جعل الدين يفقد قداسته كوضع إلهي يضمن الصلاح للإنسان في دنياه وأخراه، وفقد الدين كل ما يحتويه من قدسية وفعالية مضموناً وشكلاً، وكل ذلك بفضل تغذية العولمة للحداثة وما بعد الحداثة من خلال رؤيتها المعرفية.
3. الثوابت والمتغيرات في الأديان:
لكل دين ثوابته التي لا يفرط بها بأي شكل من الأشكال، وله متغيرات تتميز بها مع مقتضيات الواقع في إطار أصول ثابتة حاكمة له، وغالباً ما ارتبط نجاح الأديان بقدرتها على المحافظة على التوازن الدقيق بين هذه المتغيرات وتلك الثوابت، وعند عدم قدرة الدين على الحفاظ على تلك الثوابت فإنه يسقط من كونه نفسه ويصبح شيئاً آخر، وإلغاء تلك الثوابت هو ما توحي به المصطلحات السوقية العولمية منطقياً، والنتيجة أن تأثير هذه المصطلحات على الأديان مدمر، في حال لم يتنبه له المتدينون لخطورته ولم يتخذوا ما يلزم علمياً وعملياً لمواجهته فإن نظريات مثل “مسيحية غير دينية” و “نهاية الدين” ستظهر في وسط كل دين، وتؤثر في كافة الأديان على السواء.
4. علمنة الدين وخصخصته:
ويعتبر علمنة الدين تطوراً خطيراً في عالم الأديان، وهذا التطور ناتج عن التناول السوقي للدين، وإهمال بعده المقدس، عن طريق قراءات حداثية أو ما بعدها لنصوص الأديان بشكل مستمر، إلى جانب الضغط الذي تمارسه العولمة على الفكر الإنساني وتزايد الحديث عن المجتمع المدني.
وفي الواقع فإن علمنة الدين هو خصخصة له، وهذه الخصخصة تلغي أكبر خصائص الدين أياً كان هذا الدين، والمتمثلة بقدرة الدين على تكوين المجتمع وتكوين الجماعات الإنسانية المتماسكة، فقد كان الدين على مدار التاريخ هو القادر على تشكيل التجمع البشري ويحافظ عليه، فعندما يخصص الدين يتقرر تشخصه فإن تلم الأطر والأصول العقدية التي يحتاجها المجتمع ستزول، وبالتالي يزول أهم مكونات المجتمع، كما أنها تغلي الأديان التقليدية العالمية المعروفة وتلغي فاعلية مؤسساتها بصورة مباشرة. [5]
5. فرض المنظور التعددي في الدراسات الدينية:
إن من لوازم العولمة هو المنظور التعددي، ويضطر الإنسان إلى تبني منظور تعددي لغياب المسافات بين الثقافات والمجتمعات ويجعل هذا التعدد واقع للحياة التي يعيش بها الإنسان، ويجعله مساعداً له في كل أمر يتجه له، وهناك مناقشات كثيرة حول مصير الأديان وهويتها من حيث الإمكانات العلمية والمادية.
الخاتمة:
إن آثار العولمة الخطيرة بكافة أشكالها على المجتمعات الإنسانية قد بدأت بالظهور على شكل مقاربات بين الناس في بداية الأمر مما جعل الناس يتلهفون للمزيد من نماذج العولمة، وقد فتحت الدول في شتى أنحاء العالم أبوابها أمام العولمة ظناّ منها أنه ستعطي المجتمع تطوراً وتقدماً على كافة الأصعدة، لكن ما لبثت أن العولمة قد تبنت رؤية تساعد على هدم المجتمعات، وقد وجدت أن الدين هو من يساعدها على ذلك، وأدخلت العولمة على الدين مصطلحات، فجعلت من الدين بضاعة واعتناقه اختياراً شخصياً، ومع تعامل الكثير من الكتابات الغربية مع هذا التحدي الجديد وبخاصة في أوساط اللاهوتيين وعلماء الاجتماع الديني فإنا لا نجد إلا تغييراً في الأديان ككل، دون أن نجد أي مظهر من مظاهر التصدي لهذا التغلغل الواضح والمستشري في الدين.
والمطلوب هو تنبه أقسام الدراسات العقدية والفلسفية الدينية في الجامعات لما تفرزه العولمة من تحديات، والعمل بمنهجية علمية واضحة لأجل المحافظة على الهوية الدينية.
وفي الختام نكون قد تعرفنا عزيزي القارئ على العولمة ومفاهيمها، كما تعرفنا أيضاً على العلاقة المتشعبة بين العولمة والدين، وكذلك وضحنا أهم التأثيرات المحتملة للعولمة على الأديان، والسؤال هنا لك: هل تظن أن الدين مهدد بسبب تأثيرات العولمة؟ وهل صحيح أن العولمة هي معول هدم للأديان في المجتمعات؟
التعليقات مغلقة.