ازدواجية المعايير الأمريكية… 4 قضايا متشابكة
أمريكا القطب الأوحد عالمياً:
نسمع كثيراً بمصطلح ازدواجية المعايير في عالم السياسة، وفي نشرات الأخبار ومن المحللين السياسيين على القنوات الإعلامية، فما معنى ازدواجية المعايير؟ بشكل بسيط وخارج تعقيدات السياسة ودهاليزها، يمكننا القول أنها سياسة الكيل بمكيالين، والتعامل مع موقفين أو قضيتين متشابهتين بطريقتين مختلفتين، وبالعامي البسيط نختصرها بالمثل الرائج:” خيار وفقوس”. وهنا نحاول أن نسلط الضوء على السياسة الأمريكية التي تنظر بعين الرضا لِما يتماشى مع مصالحها، وتغضب لما يعاكسها، بغض النظر عن عدالة هذه القضية أو تلك.
منذ أن احتلت الولايات المتحدة الأمريكية قمة النظام العالمي الذي يوصف بأنه أحادي القطبية كان هناك الكثير من الأحداث والقضايا التي شهدها العالم، وكان ذلك مع بداية تسعينات القرن العشرين عند تفكك الاتحاد السوفياتي، وتمكن الولايات المتحدة من إنهاء الحرب الباردة لمصلحتها، وهو ما جعلها تتربع على هرم النظام الدولي وجعلها هي المتحكمة بالأنساق والاتجاهات التي تسير عملية المنظمات الدولية، وتعتبر الولايات المتحدة هي المهيمنة على ساحة السياسة الدولية في الكثير من القضايا، ويمكن القول أن ازدواجية المعايير هي العنوان الأبرز للسياسة الأمريكية.
قضايا متشابهة وتعامل مزدوج:
موقف الولايات المتحدة من قضية الإيزيديين:
من تلك الملفات التي تلعب الولايات المتحدة بها دوراً يتصف بازدواجية المعايير في طريقة التعامل مع تلك القضايا، تأتي قضية الإيزيدية في الموصل العراقية واحدة من الملفات البارزة التي كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد تعاملت معها بطريقة أثارت استغراب في ملف حقوق الإنسان، حيث أن الولايات المتحدة في ذلك الوقت نددت بشكل كبير بالانتهاكات التي جرت لأقلية الإيزديين والتي رأت أن تنظيم داعش قام بانتهاك حقوق الإنسان تجاهها، وعملت على إنشاء تحالف دولي لمحاربة تنظيم داعش والقضاء عليه تحت مظلة حقوق الإنسان، وعلى النقيض من ذلك كان لم تتخذ الولايات المتحدة أي خطوة تذكر تجاه انتهاك الصين لحقوق الإنسان تجاه أقلية الايغور التي أشارت العديد من التقارير الدولية أن الصين تحتجزهم في معسكرات اعتقال وتجبرهم على أمور منافية لتعاليم الدين الإسلامي، وتفرض عليهم القيود التي تعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، وعلى الرغم من ظهور العديد من الأيغور الذين كانوا يمثلون شهوداً على الفظائع المرتكبة بحقهم إلا أن موقف الولايات المتحدة كان صفته الصمت المطبق.
الموقف الأمريكي من قضايا المسلمين في الهند:
وفي السياق نفسه لم تكن ردة الفعل للولايات المتحدة مذكورة في انتهاك حقوق الإنسان للمسلمين في المدن الهندية والتي مورست من قبل الأكثرية الدينية الممثلة الهندوسية والتي مارست على الأقلية المسلمة كافة أشكال التمييز العنصري، حيث سجلت كاميرات وكالات الأنباء العالمية الكثير من الانتهاكات التي مورست بحق المسلمين في مدن مختلفة من الهند، حيث أن الهندوس كانوا يعترضون للمسلمين ويقومون بضربهم وركلهم وسحلهم في الشوارع، ووصل الأمر بهم إلى حرق بعض المسلمين أحياءً، وانتهاك حرمة المسلمين في الهند لم يجد أي ردة فعل أو تصريحات من قبل الولايات المتحدة التي كانت حريصة في وقت سابق على تأمين حياة الأقلية اليزيدية في العراق، وهذا دليل آخر على أن الولايات المتحدة تمارس ازدواجية في التعامل مع القضايا والملفات الدولية.
أمريكا تنأى بنفسها عن قضية المسلمين في العالم:
وعلى صعيد آخر نجد أن الولايات المتحدة لم تقف صامتةً فقط عند انتهاكات حقوق الإنسان الممارسة تجاه المسلمين الأيغور والمسلمين الهنود فحسب، بل ظلت صامتة تجاه تجدد أعمال العنف التي جرت في نيجيريا بين المسلمين والمسيحيين في عام 2010م، ولم يصدر حينها أي تصريح من قبل البيت الأبيض حول هذه الأعمال، بل كان الصمت هو السمة التي اتصف فيه موقف الولايات المتحدة تجاه تلك الأحداث، سبقها الصمت المطبق عن حالة مماثلة تم اضطهاد المسلمين فيها وهي: قضية المسلمين في يوغوسلافيا سابقاً (صربيا حالياً)، ويمكن أن نعزو أن ازدواجية المعايير السياسية الأمريكية هذه إلى كون الضحية هي من المسلمين، ويفضحها بذلك تعاملها المختلف عندما يكون الضحية من الشعوب غير المسلمة.
نلاحظ أن الولايات المتحدة تنظر إلى القضايا الدولية التي تمارس ضد المسلمين على أنها شأن داخلي ليس من حق الولايات المتحدة التدخل فيه، وفي المقابل من ذلك عند تعرض أي أقلية غير مسلمة لأعمال عنف وإن كان ذلك بدون دليل تقوم الولايات المتحدة بكل طاقتها لحماية تلك الأقليات مهما كان انتماؤهم الديني.
التعليقات مغلقة.